القوم إنما سألوا عن الأهلة ما بالها تبدو صغارا ثم تكبر، ثم تعود فتصغر ثم تكبر، وهكذا؟ فنزل الجواب عن هذا المعنى الطبيعي، وأجيبوا بما يتعلق بالأهلة من الأحكام الدينية، ثم أمروا بأن يأتوا البيوت من أبوابها؛ فإذا سألوا النبي - المبعوث لتعليم الدين - فليسألوه عما يتعلق بالدين، ولا يأتوا البيوت من ظهورها بأن يسألوه عما لم يبعث من لأجله ولا تتعلق به ضرورة دينية.
ولما ورد النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ورآهم يؤبرون النخل، فظن أن لا حاجة لذلك؛ لأنه كان قد رأى كثيرا من الأشجار تؤتي ثمرها بدون تلقيح، فقال لهم: «ما أظن يغني ذلك شيئا»، فتركوه، قال فخرج شيصا ... فمر بهم فقال: "ما لنخلكم؟ "، قالوا: قلت كذا وكذا! قال: «أنتم أعلم بأمور دنياكم».
وفي رواية: «إنما ظننت ظنا، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به، فإني لن أكذب على الله عز وجل».
وفي رواية: «إنما أنا بشر؛ إذا أمرتكم بشيء ن دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر».