ويمكن أن يطّرد ذلك في سائر الدلالات الظاهرة. ووجه ذلك أن المتكلم إنما يعتني بالمعنى المقصود بالذات، وأما ما ذكر عرضا فإنه لا يعتني به، كأنه يكل تحقيق حكمه إلى موضعه.
ويقرب من هذا ما يقوله الفقهاء وغيرهم: إن المسألة إذا ذكرت في غير بابها استطرادا، ثم ذكرت في بابها مع مخالفة، فالمعتمد فيها ما في بابها.
وههنا معنى آخر يعضد ذك أيضا، وهو أن المتكلم في علم قد يذكر في أثناء كلامه مسألة من علم آخر، فربما ذكر قاعدة يكون ظاهر كلامه أنها كلية، ومع ذلك فلا يعتد بهذا الظاهر ولا ننسب إلى المتكلم أنه ادعى كليتها ولا يعترض عليه بذكرها على ذلك الوجه.
كأن يقول المفسر في قوله تعالى: {هدى للمتقين} أصل {هدى} هدي، والقاعدة الصرفية أنه إذا تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، والقاعدة الأخرى أنه إذا التقى الساكنان حذف الأول. وهاتان القاعدتان ليستا على إطلاقهما، بل لكل منهما قيود وشروط معروفة في علم الصرف؛ ومع ذلك لا ينسب إلى ذلك المفسر قصور ولا تقصير، ولا دعوى خلاف ما تقرر في علم