ومن عالج التعليم يعلم يقينا أنه لا غنى به عن سلوك هذه الطريق في كثير من المسائل.
وكما أن المعلم الناصح يتجنب أن يخرج بالطالب في الدرس عن ذلك العلم، فهكذا النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتجنب أن يشغل الناس بما لم يبعث لأجله، بل كثيرا ما يقرهم على ما يعلم أنه خطأ وغلط، لأن ذلك لا يضرهم في دينهم؛ فإذا دعت المصلحة إلى ذكر ما يتعلق بشيء من الأمور الطبيعية ذكره على وجه لا يجر إلى إيقاع السامعين في الخوض في أحوالها الطبيعية، فيشتغلوا بذلك عن المقصود. ومن ضرورة هذا المعنى أن لا يذكر لهم في الأمور الطبيعية خلاف ما يعرفون، أو يذكر لهم مما لا يعرفون شيئا فيه دقة وغرابة، فلا يذكر لهم مثلا: الأرض كروية، أو أنها تدور.
فإن قلت: فهل يجوز أن يخبر عن شيء من الطبيعيات بكلام ظاهره مخالف للحقيقة؟
هذا هو موضوع السؤال!
قلت: أما إذا ثبت أن الظاهر في مثل ذلك لا يعتد به، بل يحتمل أنه مراد، ويحتمل أنه ليس بمراد، فلا مانع من ذلك إذا لم يبق ذلك الظاهر ظاهرا، فتدبر!