لإرضاع طفلها لم تهتد إلى الطريق، فسألت شخصا - وذكرت له اسم المحلة - فأرشدها إلى الطريق فرجعت إلى طفلها، فوجدته يكاد يموت، وعلمت أنها لو تأخرت ساعة مات، فأرضعته. ثم تدبرت نعمة الكلام، أليست تعلم أنها لو كانت بكماء لمات ابنها؟
فافرض أن الذي سألته كذب عليها، فأراها طريقا تؤدي إلى محلة أخرى فذهبت منها، فمشت ساعة أو أكثر، ثم تبين لها الأمر فسألت آخر فأرشدها، فلم تبلغ البيت إلا وقد مات طفلها، أليست تتمنى أن الذي كذب عليها لم يخلق، أو أنه كان أصم لا يسمع سؤالها، أو نحو ذلك؟ بلى، وكل إنسان يتمنى معها ذلك.
ثم افرض أن الذي أخبرها أولا ورّى خبره في خبرة، كأن قال لها: هذا القطار يذهب إلى تلك المحلة، وأومأ إلى قطار ذاهب إلى جهة أخرى، وعنى أنه عند رجوعه يذهب إلى تلك المحلة، ألا تكون النتيجة واحدة والمفسدة واحدة؟ وسواء أورى أم لم يورّ؟.