وأما قوله: "وليس لإنسان أن يقرن الفضل بالعلم". فالجواب أن يقال: بل ليس لإنسان أن يفرق بين الفضل وبين العلم لأن العلم خصلة من خصال الفضائل وهو رأسها وأكملها وأشرفها ولا يكون الإنسان فاضلا إلا بالعلم وإذا لم يتصف بالعلم فإنه لا يكون فاضلا وإنما يكون ناقصا وكفى بالعلم شرفا وفضيلة وكفى بالجهل نقصا ووضيعة..
وههنا أمر ينبغي التنبيه عليه وهو أن العلم لا يكون فضيلة في حق كل أحد وإنما يكون فضيلة في حق من يعمل بعلمه فيخشى ربه ويسارع إلى ما يرضيه من الأقوال والأعمال ويجتنب ما يسخطه منها. وأما الذي يكون معه علم وهو لا يخشى ربه ولا يلتمس رضاه ولا يجتنب نهيه فهذا جاهل في الحقيقة وعلمه لا يكون فضيلة في حقه وإنما يكون حجة عليه ووبالا يوم القيامة.
وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار جهلا" رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد. وروى عبد الله أيضاً في كتاب الزهد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "ليس العلم بكثرة الرواية ولكن العلم الخشية". وروى الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه: "أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لا ينفعه علمه". وما أكثر هذا الضرب الرديء في زماننا لا أكثرهم الله.
يتبع