نام کتاب : بسط القول والإسهاب في بيان حكم مودة المؤمن للكافر نویسنده : البدراني، أبو فيصل جلد : 1 صفحه : 17
أولاً: أنّ الله – عز وجل- قد جمع بينهما في كتابه، حيث أوصى بالبر والإحسان إلى الوالدين الكافرين، مع أنه قد نهى عن مودة الآباء والأبناء إن استحبوا الكفر على الإيمان، قال تعالى:} لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ {وقال} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {وقال تعالى في شأن الوالدين الكافرين:} وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {فالبر والإحسان والمصاحبة بالمعروف شيءّ، والمودةُ والموالاة شيءٌ آخر، ولا تعارض ولا تلازم بينهما.
فالذي شرع لنا البراءة من الكفار وحرم علينا مودتهم وموالاتهم هو الذي شرع لنا البر والإحسان إليهم، فكلٌ منهما من عند الله، وكلٌ منهما من دين الله.
ثانياً: أن الله تعالى قال} لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {فالآية فيها الرخصة بصلة نوع من الكفار، ومعاملتهم بالبر والإحسان من باب المكافأة على صنيعهم، وهذا لا يستلزم مودتهم بالقلب , ومعناها أنَّ من كف أذاه من الكفار فلم يقاتل المسلمين ولم يخرجهم من ديارهم فإنَّ المسلمين يقابلون ذلك بمكافأته بالإحسان والعدل معه في التعامل الدنيوي ولا يحبونه بقلوبهم لأنَّ اللهَ قال:} أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ {ولم يقل توالونهم وتحبونهم.
قال ابن الجوزي عند تفسيرها (قال المفسرون: وهذه رخصة في صلة الّذين لم ينصبوا الحرب للمسلمين، وجواز برهم، وإن كانت الموالاة منقطعة منهم ... انتهى). وقال ابن القيم بعد استشهاده بهذه الآية على جواز الصدقة والوقف على مساكين أهل الذمة (فإن الله سبحانه لما نهى في أول السورة -يعني سورة الممتحنة- عن اتخاذ المسلمين الكفار أولياء، وقطع المودة بينهم، توهم بعضهم أن برهم والإحسان إليهم من الموالاة والمودة، فبين الله سبحانه أنّ ذلك ليس من الموالاة المنهي عنها، وأنه لم ينه عن ذلك، بل هو من الإحسان الذي يحبه ويرضاه، وكتبه على كل شيء، وإنما المنهي عنه تولي الكفار والإلقاء إليهم بالمودة ... انتهى).
وقد عقد الإمام القرافي في كتابه الفروق فصلاً نفيساً لبيان الفرق بين الأمر بعدم موالاة الكفار، والأمر ببرهم والإحسان إليهم، قال فيه -بتصرف يسير-: (اعلم أن الله تعالى منع من التودد لأهل الذمة بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ... الآية) فمنع الموالاة والتودد وقال في الآية الأخرى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم ... الآية) وقال في حق الفريق الآخر (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين ... الآية) وقال صلى الله عليه وسلم استوصوا بأهل الذمة خيراً وقال في حديث آخر استوصوا بالقبط خيراً فلا بد من الجمع بين هذه النصوص وإن الإحسان لأهل الذمة مطلوب وأن التودد والموالاة منهي عنهما والبابان ملتبسان فيحتاجان إلى الفرق وسر الفرق أن عقد الذمة يوجب حقوقا علينا لهم لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا وذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم
نام کتاب : بسط القول والإسهاب في بيان حكم مودة المؤمن للكافر نویسنده : البدراني، أبو فيصل جلد : 1 صفحه : 17