نام کتاب : بسط القول والإسهاب في بيان حكم مودة المؤمن للكافر نویسنده : البدراني، أبو فيصل جلد : 1 صفحه : 30
والخطاب بهذه الآية للمؤمنين. قال ابن قتيبة: ومعنى الكلام: ها أنتم يا هؤلاء. فأما «تحبونهم». فالهاء والميم عائدة إلى الذين نهوا عن مصافاتهم. وفي معنى محبة المؤمنين لهم أربعة أقوال. أحدها -وهو الشاهد-: أنها الميل إليهم بالطباع، لموضع القرابة، والرضاع، والحلف، وهذا المعنى منقول عن ابن عباس.) واستدلوا أيضاً بجواز مودة الزوجة الكتابية بناءً على إذن الشارع بالزواج منها والتي أشار الله إليها جل وعلا في كتابه (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ولم يكن الشارع ليجعل المسلم في حرج بعد زواجه من الزوجة الكتابية والله سبحانه يقول (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) فإذا تقرر هذا فإن عدم مؤاخذة المسلم في محبة والديه الغير مسلمين من باب أولى لأن المتزوج من الكتابية قد تزوج من تلقاء نفسه ولم يُكرهه أحد على ذلك أما من ابتُلي بوالدين كافرين أو إخوة كفار فهو مُكره على ذلك ولم يختر والديه وأقاربه وهو أولى بالإعذار من المتزوج للكتابية.
وردوا على من قال بأن المودة من أفعال القلوب لا من أفعال الجوارح والبر والإحسان من أفعال الجوارح لا من أفعال القلوب بأن هذا الكلام يستقيم لو لم يكن هناك علاقة تلازم بين ما يقع في القلب وبين ما يقع في الجوارح بل إن بينهما تلازماً في كثير من الأحيان يصعب انفكاكه.
وأجاب بعض أهل العلم ممن ذهب هذا المذهب كمحمد رشيد رضا رحمه الله وغيره كثير بأن المودة الواردة في قوله (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) هي المودة الدينية وهي لا تجوز للمشرك بأي حال من الأحوال، وأن الحب الطبيعي لا يدخل في الأمور الدينية.
وفي ذلك قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في" إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ". (وأنزل الله في أبي طالب (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ)، (إِنَّكَ) أيها الرسول، (لَا تَهْدِي) لا تملك هداية (مَنْ أَحْبَبْتَ) من أقاربك وعمِّك، والمراد بالمحبة هنا: المحبة الطبيعية، ليست المحبة الدينية، فالمحبة الدينية لا تجوز للمشرك ولو كان أقرب الناس (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) فالمودة الدينية لا تجوز، أما الحب الطبيعي فهذا لا يدخل في الأمور الدينية ... انتهى). وبعضهم يرى أن الموادة الواردة في قوله (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .. الآية) بأن الموادة شيء والمحبة الطبيعية شيء آخر فالموادة هي المحبة المُفرطة الحاملة على تقديمها على محبة الله ورسوله وممن ذهب هذا المذهب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في أحد شروحه لبلوغ المرام , علماً أن الشيخ ابن عثيمين والفوزان وغيرهم لهم في المسائل السابقة فتاوى تُعارض ما ذهبوا إليه وهذا مما يدل على أن المسألة تحتاج إلى مزيد من التحقيق.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه لكتاب الجنائز في بلوغ المرام تعليقاً على حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أعطني قميصك أكفنه فيه" فأعطاه إياه،
نام کتاب : بسط القول والإسهاب في بيان حكم مودة المؤمن للكافر نویسنده : البدراني، أبو فيصل جلد : 1 صفحه : 30