responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بسط القول والإسهاب في بيان حكم مودة المؤمن للكافر نویسنده : البدراني، أبو فيصل    جلد : 1  صفحه : 44
القرب والتلذذ، والبغض يترتب عليه البعد والنفرة، ويستحيل الجمع بين هذين العملين المتناقضين؟! , وقد ورد في "حاشية العدوي" (1/ 273):
"قَوْلُهُ: (وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك) أَيْ: نَطْرَحُ مَوَدَّةَ الْعَابِدِ لِغَيْرِك، وَلا نُحِبُّ دِينَهُ وَلا نَمِيلُ إلَيْهِ. وَلا يُعْتَرَضُ هَذَا بِإِبَاحَةِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ لأَنَّ فِي تَزَوُّجِهَا مَيْلًا لَهَا لأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَةِ وَالْمُرَادُ هُوَ بُغْضُ الدِّينِ اهـ.
والخطأ الذي يقع فيه من قال بمثل هذا أنه لم يتصور أن الكفر وصف قائم بالذات، مثله مثل كل وصف مكروه كوصف البخل، أو الكذب، أو الفسق أو غيره، فالكره متوجه لذلك الوصف وليس للذات نفسها، فأنت تحب أباك حباً فطرياً لكن تكره فيه صفة البخل، أو صفة الفسق، أو صفة الكفر، وتحب زوجتك المسلمة لكن تكره فيها صفة سلاطة اللسان مثلاً، ويُقال مثل هذا في الزوجة الكافرة فأنت تحب زوجتك النصرانية وتكره فيها صفة الكفر لكن يستحيل أن يتوجه الحب والبغض للذات نفسها كما تقدم؛ فيستحيل أن تحب أباك وتبغضه في الوقت نفسه، ومثله أن تحب زوجتك وتبغضها وتنفر منها , وهنا سؤال: هل يمكن الجمع بين الإرادتين المتناقضتين في شخص واحد؟
هذا مستحيل لأن المتناقضين يرفع أحدهما الآخر فتحقق أحدهما ينافي تحقق الآخر، ومثله حب ذات المرأة، وكرهها يستحيل الجمع بينهما , لأنه إذا تحققت إحدى الإرادتين ارتفعت الأخرى بدليل أن القلب إذا أبغض أمر ما من وجه وأحبه من وجه آخر فلا بد من غلبة أحدهما على الآخر فلا يمكن أن يجتمعا إلا بحالة من الصراع النفسي والحرج فلذلك إذا تعاطى المريض الدواء دل ذلك على أنه ترجح لديه محبته وإذا جاهد المسلم دل ذلك على ترجيحه لمحبة الجهاد ومرضاة ربه ولكن المسلم المتزوج للكتابية كيف يرجح؟ إن رجح بغضها فلا يمكن أن يُبقيها في عصمته وسيطلقها لا محالة وإن أحبها سيعني أنه لن يبغض ذاتها ولو دينياً بل يبغض أعمالها المخالفة للشرع.
وأما من استدل على إمكان الجمع بين بغض الزوجة الكافرة وحبها بقوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) [البقرة:216] وقال ((ونظير ذلك في الشرعيات أن القتال في سبيل الله يجتمع فيه كره طبيعي لما فيه من إيذاء النفوس، وحب شرعي لما فيه من الثواب العظيم، كما قال تعالى في الكراهية الطبيعية للقتال (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) [البقرة:216] وقال تعالى في الحب الشرعي للقتال (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) [التوبة:92].
فانظر كيف أخبر أنهم يكرهون القتال طبعاً، ثم تفيض عيونهم من الحزن إذا فاتهم القتال لحبهم إياه شرعاًَ وديانة!)) انتهى.
فالجواب أن هذه الآية فيها الرد على مذهبهم، فهي على عكس مراد من استشهد بها تماماً؛ وذلك أن هذه الآية تقرر أن أصل الجهاد محبوب لنفس المؤمن لكن صفة المشقة فيه مكروهة، تماماً كما أن الزوجة الكافرة قد تكون محبوبة لزوجها المؤمن لكن صفة الكفر فيها مكروهة، فالكره الوارد في آية الجهاد متوجه لصفة المشقة لا للجهاد نفسه، ولهذا لو قيل للمؤمن: إنك ستجاهد من دون مشقة لكان محبوباً له من

نام کتاب : بسط القول والإسهاب في بيان حكم مودة المؤمن للكافر نویسنده : البدراني، أبو فيصل    جلد : 1  صفحه : 44
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست