الأوضاع والتقنينات البشرية التي تعب الأوائل في وضعها فتعبوا وأتعبوا الناس في فهمها.
ولعل أول الصيحات التي ارتفعت بقوة في هذا الصدد .. صيحات المصلحين العظيمين: السيد جمال الدين الأفغاني، والإمام محمد عبده، في دعوتهما وكتابتهما، وتدريسهما، وعلى هذا النحو جاء كتابا: الرد على الدهريين، ورسالة التوحيد.
وعلى هذا السنن- وبطريقة أوضح وأبسط- سار الإمام ابن باديس الذي وضع هذه العقائد على أسس من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة، فكانت تحقيقا ودفعا قويا لتحقيق أماني الإمامين الأفغاني وعبده.
ولو تفرغ ابن باديس للتأليف لجاءنا منه الشئ الكثير، خاصة وقد انقطع للتدريس ربع قرن وأكثر، وأتم تفسير كلام الله، وشرح حديث رسول الله في نيف وعشرين سنة بنفس الطريقة.
ولكنه كان جم المشاغل والأعباء: إذ حمل عبء إيقاظ أمة، وإنهاض سنة، وإماتة بدعة، ومحاربة جهل مطبق، ومناوأة مغير قوي ضار غشوم.
فإذا قيست مؤلفات الإمام ابن باديس بالنسبة إلى عقله الكبير، وعلمه الغزير، وجهاده الخطير، وسعة الآفاق التي حلق فيها وجال