responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 441
- قَوْلُهُ (مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللهِ فَأَعِيْذُوْهُ): أَيْ: قَالَ: (أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْكَ)، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تُعِيْذَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعَاذَ بِعَظِيْمٍ، وَلِهَذَا لَمَّا قَالَتِ ابْنَةُ الجَوْنِ لِلرَّسُوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْكَ؛ قَالَ لَهَا: (لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيْمٍ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ). (1)
فَإِعَاذَةُ مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللهِ هُوَ دَلِيْلُ تَعْظِيْمٍ للهِ تَعَالَى، وَهِيَ مِنْ خِصَالِ المُتَّقِيْنَ، كَمَا قَالَتْ مَرْيَمُ عَلَيْهَا السَّلَامُ عِنْدَمَا جَاءَهَا جِبْرِيْلُ {قَالَتْ إِنِّي أَعُوْذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} (مَرْيَم:18).
وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوِ اسْتَعَاذَ مِنْ أَمْرٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ؛ أَوْ أَلْزَمْتَهُ بِالإِقْلَاعِ عَنْ أَمْرٍ مُحَرَّمٍ؛ فَاسْتَعَاذَ بِاللهِ مِنْكَ، فَإِنَّكَ لَا تُعِيْذُهُ، لِمَا فِيْ ذَلِكَ مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ، وَلِأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُعِيْذُ عَاصِيًا، بَلِ العَاصِي يَسْتَحِقُّ العُقُوْبَةَ لَا الانْتِصَارَ لَهُ وَإِعَانَتَهُ، فَإِعْطَاءُ مَنْ سَأَلَ بِاللهِ هُوَ مِنْ نَفْسِ بَابِ عَدَمِ الإِعَانَةِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ؛ لِأَنَّ الجَمِيْعَ مِنْ بَابِ تَعْظِيْمِ اللهِ تَعَالَى.
- قَوْلُهُ (وَمَنْ دَعَاكُم فَأَجِيْبُوْهُ): جُمْهُوْرُ أَهْلِ العِلْمِ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي وَلِيْمَةِ العُرْسِ فَقَط؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْهَا (بِئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الوَلِيْمَةِ، يُدْعَى إِلَيْهِ الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ المَسَاكِيْنُ، فَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُوْلَهُ). (2)
وَهُنَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ وُجُودِ المُنْكَرِ فِيْهَا إِلَّا إِنْ أَمْكَنَ التَّغيْيِرُ، كَمَا أَنَّهَا لَا تَجِبُ إِنْ كَانَ الدَّاعِي غَيْرَ مُسْلِمٍ؛ لِحَدِيْث (حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ المَرِيْضِ وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيْتُ العَاطِسِ) [3]، وَأَيْضًا أَنْ لَا يَلْزَمَ مِنَ الحُضُوْرِ إِسْقَاطُ وَاجِبٍ، وَأَنْ لَا تَتَضَمَّنَ ضَرَرًا عَلَى المُجِيْبِ. (4)
- إِنَّ إِجَابَةَ الدَّعْوَةَ حَقٌّ لِلدَّاعِي وَلَيْسَتْ حَقًّا للهِ تَعَالَى، لِذَا إِذَا أَقَالَكَ الدَّاعِي فَلَا إِثْمَ عَلَيْكَ؛ كَمَا سَبَقَ فِي الحَدِيْثِ (حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ).
- قَوْلُهُ (حَتَّى تَرَوْا): - بِفَتْحِ التَّاءِ - بِمَعْنَى: تَعْلَمُوا، - وَيَجُوْزُ الضَّمُّ -؛ وَالمَعْنَى حَتَّى تُظْهِرُوا أَنَّكُم قَدْ كَافَأْتُمُوْهُ.
- فِي المُكَافَأَةِ فَائِدَتَانِ:
1) تَشْجِيْعُ ذَوِي المَعْرُوْفِ عَلَى فِعْلِ المَعْرُوْفِ.
2) أَنَّ الإِنْسَانَ يَكْسِرُ بِهَا الذُّلَّ الحَاصِلَ لَهُ بِصُنْعِ المَعْرُوْفِ إِلَيْهِ، فَإِذَا رَدَدْتَ إِلَيْهِ مَعْرُوفَهُ زَالَ عَنْكَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِكِ شُعُوْرٌ بِالمِنَّةِ لِأَحِدٍ سِوَى رَبِّ العَالَمِيْنَ.
- مِنَ المُكَافَأَةِ مَا جَاءَ فِي الحَديْثِ (مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوْفٌ؛ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ الله خَيْرًا؛ فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ). (5)
وَفي الأَمْرِ بِالمُكَافَأَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ المَعْرُوْفِ السَّابِقِ.

(1) البُخَارِيُّ (5254) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
(2) البُخَارِيُّ (5177)، وَمُسْلِمٌ (1432) عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا.
[3] البُخَارِيُّ (1240)، وَمُسْلِمٌ (2162) عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا.
(4) اُنْظُرْ تَمَامَ شُرُوْطِ الإِجَابَةِ فِي كِتَابِ (فَتْحُ البَارِي) (242/ 9) لِابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ.
(5) صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (2035) عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (6368).
قُلْتُ: وَوَجْهُ الإِحَالَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى فِي الجَزَاءِ هُوَ لِعَجْزِهِ عَنْ جَزَاءِهِ بَنَفْسِهِ؛ فَأَحَالَهُ إِلَى الغَنِيِّ الَّذِيْ لَا يَعْدِلُ جَزَاءَهُ جَزَاءٌ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 441
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست