responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 533
الشَّرْحُ
- مُنَاسَبَةُ البَابِ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ هُوَ سَدُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَرَائِعَ الشِّرْكِ مِنْ جِهَةِ التَّمَادِي فِي الأَلْفَاظِ.
- سَبَقَ مَعَنَا بَابٌ مُشَابِهٌ وَهُوَ بَابُ (مَا جَاءَ فِي حِمَايَةِ المُصْطَفَى جَنَابَ التَّوْحِيْدِ وَسَّدِّهِ كُلَّ طَرِيْقٍ يُوَصِّلُ إِلَى الشِّرْكِ)، وَالفَرْقُ بَيْنَ البَابَيْنِ أَنَّ الأَوَّلَ فِيْهِ حِمَايَةُ التَّوْحِيْدِ مِنْ جِهَةِ الأَفْعَالِ، وَهَذَا البَابُ فِيْهِ حِمَايَتُهُ مِنْ جِهَةِ الأَقْوَالِ.
- قَوْلُهُ (السَّيِّدُ): هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ: ذُوْ السُّؤْدُدِ وَالشَّرَفِ، وَالسُّؤْدُدُ مَعْنَاهُ: العَظَمَةُ وَالفَخْرُ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَهُوَ مِنْ مَعَانِي اسْمِ الصَّمَدِ.
- المَقْصُوْدُ بِقَوْلِهِ (السَّيِّدُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى): أَنَّ السَّيِّدَ الحَقِيْقِيَّ المَالِكَ لِكُلِّ شَيْءٍ هُوَ اللهُ تَعَالَى، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمِ كَمَا فِي الحَدِيْثِ (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ القَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ) [1]، وَلَكِنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لَمَّا خَافَ مِنَ الغُلُوِّ حَيْثُ لَاحَظَ الإِطْرَاءَ وَالمَدْحَ فِي كَلَامِهِم فَأَرْشَدَهُم إِلَى السَّيِّدِ الحَقِيْقِيِّ وَهُوَ اللهُ تَعَالَى، وَفِي ذَلِكَ تَوَاضُعٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2]، وَقَدْ أَخْبَرَتْ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنْ شَيْءٍ مِنْ تَوَاضُعِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَقَالَتْ: (كَانَ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ). (3)
وَأَيْضًا فِي الأَحَادِيْثِ نَهْيٌ عَنِ الغُلُوِّ فِيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَفْعِهِ فَوْقَ مَنْزِلَتِهِ؛ كَمَا هُوَ صَرِيْحُ الحَدِيْثِ. (4)

[1] رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2278) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا.
[2] قَالَ الحَافِظُ البَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ) (497/ 5): (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا خَيْرَ البَرِيَّةِ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ذَاكَ إِبْرَاهِيْمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2369) فِي الصَّحِيْحِ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ.
وَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا أَيْضًا مَذْهَبَ التَّوَاضُعِ، وَكَانَ يُشِيْرُ إِلَى النَّهْي عَنِ المُبَالَغَةِ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ تَوَاضُعًا لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ لِوَفْدِ بَنِي عَامِرٍ حِيْنَ قَالُوا لَهُ: أَنْتَ سَيِّدُنَا وَذُوْ الطَّوْلِ عَلَيْنَا، فَقَالَ: (مَهْ مَهْ، قُوْلُوا بِقَوْلِكُم، وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، السَّيِّدُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ)، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيْثِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (لَا تُطْرُوْنِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُوْلُوا عَبْدُ اللهِ وَرَسُوْلُهُ)).
(3) صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (26194) عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوْفًا. الصَّحِيْحَةُ (671).
(4) قَالَ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (247/ 5): (وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَحِيْحِ الحَدِيْثِ: (لَا تُطْرُوْنِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عَيْسَى بْنَ مَرْيَمَ، وَقُوْلُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُوْلُهُ) فَمَعْنَاهُ: لَا تَصِفُوْنِي بِمَا لَيْسَ فِيَّ مِنَ الصِّفَاتِ - تَلْتَمِسُوْنَ بِذَلِكَ مَدْحِي - كَمَا وَصَفَتِ النَّصَارَى عِيْسَى بِمَا لَمْ يَكُنْ فِيْهِ، فَنَسَبُوْهُ إِلَى أَنَّهُ ابْنُ اللهِ فَكَفَرُوا بِذَلِكَ وَضَلُّوا.
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ رَفَعَ امْرَأً فَوْقَ حَدِّهِ وَتَجَاوَزَ مِقْدَارَهُ بِمَا لَيْسَ فِيْهِ فَمُعْتَدٍ آثِمٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ جَازَ فِي أَحَدٍ لَكَانَ أَوْلَى الخَلْقِ بِذَلِكَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 533
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست