responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 542
- قَوْلُهُ (ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ): أَيْ: هَزًّا حَقِيْقِيًّا، فَيَظْهَرُ فِيْهِ لِلعِبَادِ فِي ذَلِكَ المَوْقِفِ عَظَمَتُهُ تَعَالَى وَقُدْرَتُهُ، وَفِي الحَدِيْثِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ - يَقُوْلُ: (يَأْخُذُ الجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضَهُ بِيَدِهِ - وَقَبَضَ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَقْبِضُهَا وَيَبْسُطُهَا - ثُمَّ يَقُوْلُ: أَنَا الجَبَّارُ، أَيْنَ الجَبَّارُوْنَ؟ أَيْنَ المُتَكَبِّرُوْنَ؟) قَالَ: وَيَتَمَيَّلُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِيْنِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى المِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ؛ حَتَّى إِنِّي أَقُوْلُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ (1)
- قَوْلُهُ (أَنَا المَلِكُ): أَيْ: أَنَّهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ لَا مُلْكَ لِأَحَدٍ سِوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُوْنَ لَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ} (غَافِر:16)، وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَقَدْ جَعَلَ اللهُ مِنَ النَّاسِ مُلُوْكًا عَلَى مَا اسْتَخْلَفَهُم فِيْهِ [2]، وَمُلْكُهُم قَاصِرٌ وَلَا رَيْبَ [3]، وَأَمَّا مُلْكُ اللهِ تَعَالَى تَامٌّ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى فِي الآخِرَةِ يَحْشُرُ النَّاسَ جَمِيْعًا حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا [4]؛ فَيَظْهَرُ فِيْهِ بِشَكْلٍ بَيِّنٍ - لَا خَفَاءَ فِيْهِ عَلَى أَحَدٍ وَلَا اسْتِكْبَارَ - كَمَالُ مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ تَعَالَى. (5)
- قَوْلُهُ (أَيْنَ الجَبَّارُونَ؟): الاسْتِفْهَامُ هُنَا لِلتَّحَدِّي وَالتَّوْبِيْخِ؛ فَيَقُوْلُ: أَيْنَ المُلُوْكُ الَّذِيْنَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا لَهُم السُّلْطَةُ وَالتَّجَبُّرُ وَالتَّكَبُّرُ عَلَى عِبَادِ اللهِ؟ وَفِي ذَلِكَ الوَقْتِ يُحْشَرُ أُوْلَئِكَ أَمْثَالَ الذَّرِّ يَطَؤُهُمُ النَّاسُ بِأَقْدَامِهِم، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ في صُوَرِ الرِّجَالِ؛ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، يُسَاقُوْنَ إِلَى سِجْنٍ في جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولُسَ، تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ؛ طِينَةِ الخَبَالِ) [6]، وذَلكَ مُعَامَلَةً لَهُم بِنَقيْضِ قَصْدِهِم.

(1) صَحِيْحٌ. ابْنُ مَاجَه (198). صَحِيْحُ ابْنِ مَاجَه (198)، وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ أَيْضًا (2788)؛ وَلَكِنْ لَيْسَ فِيْهِ ذِكْرُ المَيْلُ.
قَالَ الشَّيْخُ الغُنَيْمَانُ حَفِظَهُ اللهُ فِي شَرْحِ كِتَابِ التَّوْحِيْدِ مِنْ صَحِيْحِ البُخَارِيِّ (330/ 1): (وَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَقْبِضُ يَدَيْهِ وَيَبْسُطُهُمَا - تَحْقِيْقًا لِلصِّفَةِ - لَا تَشْبِيْهًا لَهَا، كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَرَأَ قَوْلَهُ تَعَالَى {وَكَانَ اللهُ سَمِيْعًا بَصِيْرًا} (النِّسْاء:134) وَضَعَ إِصْبِعَهُ عَلَى عَيْنِهِ وَالأُخْرَى عَلَى أُذُنِهِ؛ تَحْقِيْقًا لِصِفَةِ السَّمْعِ وَالبَصَرِ).
قُلْتُ: وَالحَدِيْثُ الأَخِيْرُ صَحِيْحٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (4728). صَحِيْحُ أَبِي دَاوُد (4728).
[2] كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُوْلِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِيْنَ فِيْهِ فَالَّذِيْنَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيْرٌ} (الحَدِيْد:7).
[3] وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ (قَوْلِهِ تَعَالَى {أَيُشْرِكُوْنَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُوْنَ، وَلاَ يَسْتَطِيْعُوْنَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُوْنَ}) بَيَانُ نَوَاحِي هَذَا القُصُوْرِ.
[4] (غُرْلًا): أَيْ: غَيْرُ مَخْتُوْنِيْنَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيْدُهُ} (الأَنْبِيَاء:104).
(5) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ في التَّفْسِيْرِ (134/ 1): (وَتَخْصِيْصُ المُلْكِ بِيَوْمِ الدِّيْنِ لَا يَنْفِيْهِ عَمَّا عَدَاهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الإِخْبَارُ بِأَنَّهُ رَبُّ العَالَمِيْنَ، وَذَلِكَ عَامٌّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنَّمَا أُضِيْفَ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أَحَدٌ هُنَالِكَ شَيْئًا، وَلَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، كَمَا قَالَ: {يَوْمَ يَقُوْمُ الرُّوْحُ وَالمَلائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُوْنَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} (النَّبَأ:38)،
وَقَالَ تَعَالَى: {وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} (طَه:108)،
وَقَالَ: {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيْدٌ} (هُوْد:105)).
[6] حَسَنٌ. التِّرْمِذِيُّ (2492) عَنِ ابْنِ عَمْرُو مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (8040).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 542
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست