الخاتمة
وبعد، فإن خطورة هذه الظاهرة وما تستتبعه من قتل وخروج على ولاة الأمر وتمزيق لصف المسلمين، برمي مخطئهم الجاهل والمقلد بالكفر، كل ذلك يدعو إلى وقفة جادة للبحث عن مخرج من هذا المرض قبل اسستفحاله.
وإن علاج ظاهرة التكفير يبدأ بإدراكنا لخطورتها ووقوفنا على أسبابها، والتي يكفل لنا تجفيفها القضاء على هذه الظاهرة الشاذة التي عادت تتسرب من جديد.
وأهم علاج وأنجعه هو صنيع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه الكرام، وهو نشر العلم الصحيح الموروث عن الله وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - في الكتاب والسنة، وفهمهما على هدي وفهم السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة.
وقد أمر الله تعالى المؤمنين حال تنازعهم بالعود إلى كتاب الله وسنة نبيه، ولأن أفهامهم مختلفة أرشدهم إلى سؤال العالمين الذين يستبطونه منهم {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} (النساء: 83).
وأمر الله المؤمنين بسؤال العلماء والصدور عن قولهم، فقال تعالى: {وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (الأنبياء: 7).
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسيره: "وهذه الآية وإن كان سببها خاصاً بالسؤال عن حالة الرسل المتقدمين من أهل الذكر، وهم: أهل العلم، فإنها عامة في كل مسألة من مسائل الدين أصوله وفروعه، إذا لم يكن عند الإنسان علم منها، أن يسأل من يعلمها، ففيه الأمر بالتعلم والسؤال لأهل العلم ... وفي تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم نهيٌ عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم، ونهي له أن يتصدى لذلك .. " (1)
ولله در ابن مسعود فقيه الصحابة إذ يقول: "وستجدون أقواماً يزعمون أنهم يدعون إلى كتاب الله، وقد نبذوه وراء ظهورهم، عليكم بالعلم، وإياكم والبدع والتعمق، عليكم بالعتيق". (2)
(1) تيسير الكريم الرحمن (5/ 213 - 214).
(2) الاعتصام (2/ 418).