التكفير والفهم الخاطئ للنصوص الشرعية
لعل من أهم ما أوقع بعض المسلمين في فتنة التكفير الفهم الخاطئ لبعض النصوص الشرعية، والجهل بدلالاتها الصحيحة، إذ رأى هؤلاء أن النصوص الشرعية وصفت بعض أصحاب العاصي بالكفر، أو نفت عنهم اسم الإيمان، أو أخبرت باستحقاقهم الخلود في النار، ففهم هؤلاء أنها تشهد على أصحابها بالكفر، وأن هذا الكفر هو الكفر الأكبر المخرج من الملة، فكفَّروا بفهمهم المغلوط عموم المسلمين.
أولاً: النصوص التي صرحت بكفر العاصي
جاء في السنة النبوية وصف الكثير من المعاصي بالكفر، ففهم منه بعض أهل البدع وغيرهم من أهل الجهل تكفير أصحاب هذه الذنوب وتلك المعاصي، إذ لم يروا القرآن إلا متحدثاً عن الكفر الأكبر، فقاسوا ما في السنة عليه.
ومن هذه الأحاديث قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت)). (1)
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما)). (2)
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر، حتى يرجع إليهم)). (3)
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس من رجل ادعى إلى غير أبيه وهو يعلمه، إلا كفر)). (4)
ومثله ذم النبي - صلى الله عليه وسلم - اقتتال المسلمين: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)). (5)
قال الشوكاني وهو يعرض حجة من يفهم كفر أصحاب هذه الذنوب: "فإن قلت: قد ورد في السنة ما يدل على كفر من حلف بغير ملة الإسلام،
(1) رواه البخاري ح (3850)، ومسلم ح (67)، واللفظ له.
(2) سبق تخريجه ص (9).
(3) رواه مسلم ح (68).
(4) رواه البخاري ح (3508)، ومسلم ح (61).
(5) رواه البخاري ح (48)، ومسلم ح (64).