يستلزم لعن المعين، الذي قام به ما يمنع لحوق اللعنة به".
ثم يقيس شيخ الإسلام التكفير على اللعن فيقول: "وكذلك التكفير المطلق والوعيد المطلق، ولهذا كان الوعيد المطلق في الكتاب والسنة مشروطاً بثبوت شروط، وانتفاء موانع". (1)
ويقول رحمه الله: " فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم - بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار - لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية، التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل، وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر، وهكذا الكلام في تكفير جميع المعينين". (2)
ويقول: " فقد يكون الفعل أو المقالة كفراً، ويطلق القول بتكفير من قال تلك المقالة، أو فعل ذلك الفعل، ويقال: من قال كذا، فهو كافر، أو من فعل ذلك، فهو كافر.
لكن الشخص المعين الذي قال ذلك القول أو فعل ذلك الفعل لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها. وهذا الأمر مطرد في نصوص الوعيد عند أهل السنة والجماعة، فلا يشهد على معيَّن من أهل القبلة بأنه من أهل النار، لجواز أن لا يلحقه الوعيد، لفوات شرط، أو لثبوت مانع". (3)
ويقول ابن الهمام الحنفي: "اعلم أن الحكم بكفر من ذكرنا من أهل الأهواء .. محمله أن ذلك المعتقد في نفسه كفر، فالقائل به قائل بما هو كفر، وإن لم يكفر". (4)
أما ما يمنع تحقق الوعيد في المعين فهو أمور كثيرة يجمعها ما أسماه شيخ الإسلام "فوات شرط أو ثبوت موانع"، فثمة شروط لتحقق الوعيد كالعلم بحرمة الفعل، ففوات هذا الشرط بتحقق الجهل عذر يعذر الله به {وما كان الله ليضلّ قوماً بعد إذ هداهم حتّى يبيّن لهم مّا يتّقون إنّ الله بكلّ شيءٍ عليم} (التوبة: 115).
(1) مجموع الفتاوى (10/ 330).
(2) المصدر السابق (12/ 500).
(3) المصدر السابق (23/ 345).
(4) شرح فتح القدير (1/ 351).