تدل على أن مراده الناس غير هؤلاء، لأجل قول الآخر له: صل على النبي، فحُمِل قوله وسبه لمن يصلي عليه الآن لأجل أمر الآخر له بهذا عند غضبه ... وذهب الحارث بن مسكين القاضي وغيره في مثل هذا إلى القتل". (1)
وصاحب المقالة يكفر اتفاقاً لو قصد شتم النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الملائكة، ولكن عفي عنه لعدم إرادته هذا القصد السيئ.
يقول ابن القيم: " ما يظهر بأن المتكلم لم يرد معناه، وقد ينتهي هذا الظهور إلى حد اليقين بحيث لا يشك السامع فيه .... كالمكره والنائم والمجنون ومن اشتد به الغضب والسكران ". (2)
ويقول وهو يعدد بعض ما عفا الله عنه في أمة الإسلام: "فرفع عنها المؤاخذة بذلك كله، حتى الخطأ في اللفظ من شدة الفرح والغضب والسكر .. وكذلك الخطأ والنسيان والإكراه والجهل بالمعنى وسبق اللسان بما لم يرده والتكلم في الإغلاق". (3)
ونختم بتلخيص جامع لمذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة، لعالم عصره الشوكاني رحمه الله، إذ يقول: " لابد من شرح الصدر بالكفر، وطمأنينة القلب به، وسكون النفس إليه، فلا اعتبار بما يقع من طوارق عقائد الشرك لا سيما مع الجهل بمخالفتها لطريقة الإسلام، ولا اعتبار بصدور فعل كفري لم يرد به فاعله الخروج عن الإسلام إلى ملة الكفر، ولا اعتبار بلفظ تلفظ به المسلم يدل على الكفر وهو لا يعتقد معناه". (4)
(1) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 235).
(2) إعلام الموقعين (3/ 108).
(3) المصدر السابق (3/ 105 - 106).
(4) السيل الجرار (4/ 578).