نام کتاب : الاعتصام - ت الشقير والحميد والصيني نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى جلد : 0 صفحه : 60
أسلم، إلا أنه ظن أن مذهب السلف في الصفات هو مجرد التصديق والتفويض المطلق. والسلف إنما فوضوا الكيفية وأثبتوا المعنى.
يقول الشاطبي: "وأما مسائل الخلاف وإن كثرت، فليست من المتشابهات بإطلاق، بل فيها ما هو منها وهو نادر كالخلاف الواقع فيما أمسك عنه السلف الصالح فلم يتكلموا فيه بغير التسليم له والإيمان بغيبة المحجوب أمره عن العباد؛ كمسائل الاستواء والنزول وأشباه ذلك. وحين سلك الأولون فيها مسلك التسليم وترك الخوض في معانيها دل على أن ذلك هو الحكم عندهم فيها، وهو ظاهر القرآن" [1].
وقال بعد ذكره لما ذهب إليه بعض المتأخرين من تأويل الصفات: "وهي مسألة اجتهادية، ولكن الصواب من ذلك ما كان عليه السلف" [2].
ويتضح من آراء الشاطبي المتقدمة أنه متأثر بالأشاعرة في الصفات كما يتضح أنه لم يكن متعصباً لهذا المذهب.
ولا يبدو موقف الشاطبي واضحاً أمام مسائل الصفات، فنجد أنه أثنى على مذهب السلف وعدَّه أصوب، كما نجد أنه عذر من تأولها، وعَدَّ الجميع مجتهدين.
ولعل سبب هذا الموقف للشاطبي ظنه بأن مذهب السلف تفويض معاني هذه الصفات، وأنه لا يفهم منها شيء، وإلا لو أنه ذهب فيها مذهب أهل السنة والجماعة من إثبات معانيها على الوجه الذي يليق به سبحانه، وتفويض كيفيتها إليه سبحانه، لما وسعه إعذار من تأولها وصرفها عن ظاهرها.
وأيضاً هناك سبب آخر لموقف الإمام الشاطبي وهو أنه عَدَّ الخلاف في هذه المسائل شِبْهَ الخلاف الواقع في الفروع، فهو مسألة اجتهادية.
والصواب أن الخلاف في هذه المسائل العقدية ليس كالخلاف في
(1) "الموافقات" (3/ 94). [2] المصدر السابق (3/ 99).
نام کتاب : الاعتصام - ت الشقير والحميد والصيني نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى جلد : 0 صفحه : 60