سلفا وخلفا، ولهم فيه مأخذان:
(الأول) : أنه من محدثات الأمور التي لم تفعل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه، ولا في عهد التابعين، ولو كان خيرا سبقوا إليه.
(الثاني) : أن الأحاديث ثبتت بالأمر بالإنصات للخطبة، فقد صح من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا قلت لصاحبك -والإمام يخطب يوم الجمعة-: أنصت، فقد لغوت" [1].
قال في كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث: إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي دعاء، وجميع الأدعية السنة فيها الإسرار دون الجهر غالبا، قلت: وهذا مأخذ ثالث للمنع؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فالترضي عن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- دعاء من الأدعية، والمشروع في الدعاء كله المخافتة إلا أن يكون هناك سبب يشرع له الجهر، قال: وأما رفع الصوت بالصلاة، والترضي الذي يفعله بعض المؤذنين قدام الخطباء في الجمع فمكروه، أو محرم. انتهى. والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أملاه الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله أجمعين.
وقد فرغ من تصحيح هذه النسخة يوم الأربعاء في 16 شهر ربيع الثاني سنة 1333. [1] البخاري: الجمعة (934) , ومسلم: الجمعة (851) , والترمذي: الجمعة (512) , والنسائي: الجمعة (1401,1402) , وأبو داود: الصلاة (1112) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (1110) , وأحمد (2/280) , ومالك: النداء للصلاة (232) , والدارمي: الصلاة (1548,1549) .