أقول: اتفقوا على أن ما يوجب الوضوء وحده يسمى أصغر، وما يوجب الغسل يسمى أكبر، ونصوا على أن الحدث الأصغر يقوم بالبدن كله، ويرتفع بغسل الأعضاء الأربعة بشرطه، فكيف يقال: إن غسل اليدين من نوم الليل أكبر مع كونه خاصا بالكفين، على أنه مختلف في وجوبه. والقائلون بالوجوب لم يسموه حدثا، فافهم. وقوله: وهل يكفي أحد اليدين؟
فالجواب: إن الذي مشى عليه العلماء -رحمهم الله تعالى- أن هذا الحكم يتعلق باليدين معا، فلا تختص به اليمنى دون الشمال مع أن الوارد في الحديث الإفراد، فلنذكر الحديث ببعض ألفاظه منسوبا إلى مخرجيه -إن شاء الله تعالى-. فأقول: أخرجه الإمام مالك والشافعي وأحمد والبخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم-رحمهم الله تعالى- من حديث أبي هريرة مرفوعا: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وَضوء، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" [1]، هذا لفظ مالك والبخاري، وللشافعي نحوه، وللنسائي: "فلا يغمس يده في وضوئه حتى يغسلها ثلاثا" [2] وله والدارقطني: "فإنه لا يدري أين باتت يده" [3] وللدارمي: "في الوضوء" ولأبي داود: "إذا استيقظ أحدكم من الليل" [4]، وكذا للترمذي وفي الباب عن جابر، وابن عمر -رضي الله عنهم.
ووجه تعميم اليدين بهذا الحكم، والله أعلم لكونه مفردا مضافا، وهو يعم، وهو ظاهر على ما ذهب إليه الإمام أحمد-رحمه الله تعالى- تبعا لعلي، وابن عباس -رضي الله عنهم- والمحكي عن الشافعية، والحنفية خلافه، ذكره في القواعد الأصولية، فعلى قولهم لا يظهر لي وجهه، والله أعلم..
خصائص يوم الجمعة
(الثالث) : ما ورد في يوم الجمعة من الخصائص، هل يختص بما قبل الزوال أم لا، مثل قراءة سورة الكهف وغيرها؟ لو قال: قبل الصلاة كان أولى. [1] البخاري: الوضوء (162) . [2] مسلم: الطهارة (278) , والنسائي: الطهارة (1) , وأبو داود: الطهارة (105) , وأحمد (2/241,2/471) , والدارمي: الطهارة (766) . [3] البخاري: الوضوء (162) . [4] الترمذي: الطهارة (24) , والنسائي: الغسل والتيمم (441) , وابن ماجه: الطهارة وسننها (393) .