الرد على هذه الشُّبْهَة:
أولاً: مقصود النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من الحديث أن منشأ الفتن من جهة المشرق لا بيت عَائِشَة، "فإنّ روايات هذا الحديث كلّها متفقة على أنّ جهة الفتنة هي جهة المشرق بالنسبة لمقام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ولا عبرة لذكر المكان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه هذا الحديث؛ سواء كان قاله على منبره، أو أمام بيت زوجه حفصة، أو عند خروجه من بيت زوجه عَائِشَة، أو وهو مشرفٌ على أطم [1] من آطام المدينة، أو غير ذلك؛ كما ذكرت ذلك الروايات الصحيحة.
ووجود بيت عَائِشَة رضي الله عنها بينه وبين المشرق في بعض الروايات لا يعني أنهّا رضي الله عنها المقصودة بقوله عليه صلى الله عليه وسلم: «هَا هُنَا الفِتْنَةُ».
وَذِكْر المكان أو الزمان لا يُؤثّر على فَهْم الحديث، ولا يُوجِدُ فيه تعارضًا أو تضاربًا؛ لأنّه ليس هو المقصود بيانه في الحديث، وإنّما المقصود بيان أنّ جهة الفتنة إنّما هي جهة المشرق، وعلى هذا اتّفاق كافّة أهل العلم بالحديث" [2].
وقد جاء ما يؤكد ذلك في رواياتٍ كثيرةٍ متوافرة متكاثرة عن ابن عمر
= 164، والكشكول لحيدر الآملي ص (177،178)، وإحقاق الحق للتستري ص (306،308،310)، والمراجعات للموسوي ص (268)، وكتاب السبعة من السلف لمرتضى الحسيني ص (176)، وفي ظلال التشيع لهاشم الحسيني ص (74 - 75)، وكتاب فسألوا أهل الذكر للدكتور محمد التيجاني السماوي ص (105). [1] الأُطُم - بالضم -: بناء مرتفع، كالحصون ونحوها، وجمعه آطام. ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد 2/ 73، وغريب الحديث لابن قتيبة 2/ 286، والنهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 54. [2] الصاعقة في نسف أباطيل الشيعة ص (147).