وَلَمْ تَنْسَ غَدَكَ؛ فَفَازَ عِنْدَ الْمُسَاهَمَةِ قَدْحُكَ، وَخَفَّ مِمَّا اسْتَوْزَرُوا ظَهْرَكَ، حتى قررت الرؤوس عَلَى كَوَاهِلِهَا، وَحَقَنْتَ الدِّمَاءَ فِي أَهُبِّهَا - يَعْنِي: فِي الأَجْسَادِ -؛ فَنَضَّرَ اللهُ وَجْهَكَ يَا أَبَتِ! فَلَقَدْ كُنْتَ لِلدُّنْيَا مُذِلاً بِإِدْبَارِكَ عَنْهَا، وَلِلآخِرَةِ مُعِزًّا بِإِقْبَالِكَ عَلَيْهَا، وَلَكَأَنَّ أَجَلَّ الرَّزَايَا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رِزْؤُكَ، وَأَكْبَرُ الْمَصَائِبِ فَقْدُكَ؛ فَعَلَيْكَ سَلامُ اللهِ وَرَحْمَتُهُ، غَيْرَ قَالِيَةٍ لِحَيَاتِكَ، وَلا زَارِيَةٍ عَلَى الْقَضَاءِ فِيكَ"» [1].
وروى محمد بن سيرين عن الأحنف بن قيس قال: «سَمِعْتُ خُطْبَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم وَالْخُلَفَاءِ وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى يَوْمِي هَذَا، فَمَا سَمِعْتُ الْكَلامَ مِنْ فَمِ مَخْلُوقٍ أَفْخَمَ وَلا أَحْسَنَ مِنْهُ مِنْ فِيِّ عَائِشَة رضي الله عنها» [2].
وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد [3]، عن أبيه [4]، قال: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَرْوَى [1] أخرجه أبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم 6/ 95، رقم (2422)، وابن عساكر في تاريخ دمشق 30/ 443، وأورده محب الدين الطبري في الرياض النضرة في مناقب العشرة 1/ 265، وإسناد الحديث لا بأس به. [2] أخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 12، رقم (6732)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 8/ 1522، رقم (2767)، والأثر فيه لين؛ لأن في سنده أحمد بن سلمان الفقيه، وعلي بن عاصم، وهما صدوقان، والأخير ضعفه بعضهم. ينظر: ميزان الاعتدال 1/ 101، والكاشف 2/ 42، وتقريب التهذيب ص (403). [3] هو: عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان القرشي، المدني، أبو محمد: من حفاظ الحديث، كان نبيلاً في علمه، ولي خراج المدينة، وزار بغداد فتوفي فيها سنة (174هـ).
ينظر في ترجمته: الطبقات الكبرى 7/ 235، والتاريخ الكبير 5/ 315، وتاريخ بغداد 11/ 494، وسير أعلام النبلاء 8/ 167. [4] هو: عَبد اللَّهِ بن ذكوان الْقُرَشِي، المدني، أَبُو عَبْد الرحمن المدني المعروف بأبي الزناد، مولى رملة بنت شَيْبَة بْن ربيعة المدني، كان عالمًا بالحديث، والفقه واللغة والشعر، مات سنة (131هـ). =