الفطرة ومن ثم تنكره الشريعة فهي شريعة الفطرة. وقد تنحرف الفطرة أحيانا فتبقى الشريعة ثابتة تشير إلى أصل الفطرة قبل انحرافها. والبغي الظلم وتجاوز الحق والعدل.
وما من مجتمع يمكن أن يقوم على الفحشاء والمنكر والبغي. ما من مجتمع تشيع فيه الفاحشة بكل مدلولاتها، والمنكر بكل مغرراته، والبغي بكل معقباته، ثم يقوم ..
والفطرة البشرية تنتفض بعد فترة معينة ضد هذه العوامل الهدامة، مهما تبلغ قوتها، ومهما يستخدم الطغاة من الوسائل لحمايتها. وتاريخ البشرية كله انتفاضات وانتفاضات ضد الفحشاء والمنكر والبغي. فلا يهم أن تقوم عهود وأن تقوم دول عليها حينا من الدهر، فالانتقاض عليها دليل على أنها عناصر غريبة على جسم الحياة، فهي تنتفض لطردها، كما ينتفض الحي ضد أي جسم غريب يدخل إليه. وأمر اللّه بالعدل والإحسان ونهيه عن الفحشاء والمنكر والبغي يوافق الفطرة السليمة الصحيحة، ويقويها ويدفعها للمقاومة باسم اللّه. لذلك يجيء التعقيب: «يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» فهي عظة للتذكر تذكر وحي الفطرة الأصيل القويم ... (1)
21 - تدفع معتنقيها إلى الحزم والجد في الأمور.
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ "المستدرك للحاكم (2)
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْكِبِي أَوْ قَالَ بِمَنْكِبَيَّ، فقَالَ: كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ، قَالَ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ: إِذَا أَصْبَحْتَ، فَلاَ تَنْتَظِرُ الْمَسَاءَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرُ الصَّبَّاحَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمَنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ " صحيح ابن حبان (3)
22 - تبعث في نفس المؤمن تعظيم الكتاب والسنة:
(1) - انظر: أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1/ 1991) وفي ظلال القرآن للسيد قطب - ت- علي بن نايف الشحود [ص 2846]
(2) - المستدرك للحاكم (7846) صحيح
(3) - صحيح ابن حبان - (2/ 472) (698) وصحيح البخارى- المكنز (6416)