الباب السابع
فوائد الإيمان وثمراته
إن منْ حكمة الله الربانيةِ أن جعل قلوبَ عباده المؤمنين تحسُّ وتتذوق وتشعر بثمرات الإيمان لتندفع نحو مرضاته والتوكلِ عليه سبحانه وتعالى. فإنَّ شجرة الإيمانِ إذا ثبتتْ وقويتْ أصولها وتفرعت فروعُها، وزهتْ أغصانُها، وأينعت أفنانها عادت على صاحبها وعلى غيره بكلِّ خيرٍ عاجلٍ وآجل في الدنيا والآخرة. وثمارُ الإيمان وثمراته ِوفوائدهِ كثيرةٌ قد بينها الله سبحانه وتعالى في كتابهِ الكريم.
فمن أعظم هذه الفوائدَ والثمارِ:
أولاً: الاغتباطُ بولاية الله الخاصة ِالتي هي أعظمُ ما تنافس فيه المتنافسون، وتسابق فيه المتسابقون، وأعظم ُما حصل عليه المؤمنون.
قال تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64 [يونس/62 - 64].
فكلُّ مؤمن تقي، فهو لله وليٌّ ولايةً خاصةً، من ثمراتها ما قاله الله عنه: {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (257) سورة البقرة، أي: يخرجهم من ظلماتِ الكفر إلى نورِ الإيمان، ومن ظلماتِ الجهل إلى نور العلم، ومن ظلماتِ المعاصي إلى نورِ الطاعة، ومن ظلماتِ الغفلةِ إلى نور اليقظةِ والذكر، وحاصلُ ذلك: أنه يخرجُهم من ظلماتِ الشرورِ المتنوعةِ إلى ما يرفعُها من أنوارِ الخير العاجلِ والآجلِ. وإنما حازوا هذا العطاءَ الجزيلَ: بإيمانهمُ الصحيحِ، وتحقيقهِم هذا الإيمان بالتقوى، فإنَّ التقوى من تمامِ الإيمان.