يخطر بباله. فإذا كان كذلك فإن من الطبيعي أن يكون مصدرُ التلقي في الأمور المتعلقةِ بالعقائدِ والغيبياتِ هو الخبر الصادق من الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
إن هناك كثيراً من الأمور الغائبة عن علم الإنسان مع اتصاله بها، كالروح وكثير من الظواهر الطبيعية التي يعجز الإنسان عن تفسيرها، فمن الأولى أن يعجز عن تفسير الغيبياتِ، أو إدراكها.
*- العلاقة بين الدين والعلم:
تتمثل مجالات المعرفة في عالمي الغيب والشهادة، أو العالم المادي المحسوس وعالم ما وراء المادة. والإنسان في معرفته يعتمد على ما يتوفر لديه من الأدوات والوسائل المستخدمة للوصول إلى المعرفة، والمتمثلة في الحوادث والأجهزة التي توسع من مدارك الحواس، ومن المعلوم ضرورة أن الحواسَّ تتمتعُ بقدرات محدودة، وقد عمل الإنسان على زيادة تلك القدرات بالأجهزة العلمية التي أعانت على توسيع مجال إدراك حواسه، إلا أنه مع ذلك يظلُّ مقيدا في معرفته بقدرات تلك الأجهزة، وهي أيضا محدودة القدرات بالضرورة .. و بناءا على هذا فإن المعرفة الإنسانية- عن طريق الحواس والأجهزة - تظل محدودة في عالم الشهادة، وهي مع ذلك لم تبلغ من العلم إلا قليلا، إذ أن المجال الذي تعيش فيه، والمجال الذي استطاع الإنسان أن يكتشفه من مجرتنا الشمسية لا يمثل سوى قطرةٍ من بحرٍ لجيٍّ.
فمعرفة الإنسان التي يحصل عليها في عالم المادة تتوقف على منهجيته المعرفية عن طريق الحواس، وهو محكوم بالزمان والمكان في الإطار الممكن.
أما عالمُ الغيبِ فتتوقف معرفة الإنسان فيه على الخبرِ الصادق الذي يبلغه عن مصدرٍ يتمتع بالعلمِ المطلق، الذي يتجاوز محدودية الحواس وحاجزي الزمان والمكان، وهذا المصدر هو الله سبحانه وتعالى.
فإذا ثبت للإنسان صحة الخبرِ من حيث نسبته إلى مصدره، وهو الله تعالى، أو رسوله المبلغ عنه، فإن ذلك الخبر يقتضي صدقَ المخبَرِ به