لما كانت ذات الله تعالى مما تعجز الإفهام عن إدراكها، وتحار العقول في بلوغ فهمها لمخالفتها لسائر المخلوقات، كان السبيل إلى التعريف بها هو التعريف بصفاته تعالى. وقد سلك القرآن الكريم ذلك المنهج, وكذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم -.فقد اتخذ القرآن الكريم في التعريف بالله تعالى منهج الاستدلال بالشاهد الموجود على الغائب. فجعل آياته الكونية الدالة على عظمته وجلاله وفائق قدرته وسلطانه منطلقا لبيان صفاته وأسمائه المتضمنة لكماله وجلاله. فالناظر في صنعة يستدل بها على كثير من صفات صانعها. لذا نجد أن القرآن كثيرا ما يضرب الأمثال للناس, مع أنه جعل قاعدة عامة لذلك تفيد نفي المماثلة والمشابهة بين الخالق والمخلوق كما في قوله تعالى: {لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (60) سورة النحل، وقوله: {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (11) سورة الشورى، فكل ذات من الذوات لابدَّ لها من صفات تتصف بها. و إذا كان الإنسان يتصف بصفات هي في حقه صفات كمال كالعلم والسمع والبصر والعدل والإرادة والحكمة وكل صفات الكمال، فالله تعالى أولى بذلك وأعلى، مع العلم بالفارق التام بين صفات الخالق وصفات المخلوق. ومن أسماء الله تعالى وصفاته التي وردت بها النصوص قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24) [الحشر/22 - 24]}
فوائد التعريف بالصفات:
1 - تنزيه الله تعالى عن مشابهة الخلق كما قال الله تعالى: { ... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (11) سورة الشورى، وقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4) سورة الإخلاص