فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تجيبوه. فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تجيبوه. فقال لأصحابه: أما هؤلاء فقد كفيتموهم. فلم يملك عمر رضي الله عنه نفسه أن قال: كذبت يا عدو الله، إن الذين ذكرت لأحياء، وقد بقي لك ما يسوءك [1][2] . فهذا مقدم الكفار إذ ذاك لم يسأل إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر لعلمه وعلم الخاص والعام أن هؤلاء الثلاثة هم رءوس هذا الأمر، وأن قيامه بهم. ودل ذلك على أنه كان ظاهرًا عند الكفار أن هذين وزيراه وبهما تمام أمره، وأنهما أخص الناس به، وأن لهما من السعي في إظهار الإسلام ما ليس لغيرهما. وهذا أمر معلوم للكافر فضلاً عن المسلمين. حتى إني أعلم طائفة من حذاق المنافقين ممن يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان رجلاً عاقلاً أقام الرياسة بعقله وحذقه - يقولون إن أبا بكر كان مباطنًا له على ذلك يعلم أسراره؛ بخلاف عمر، وعثمان وعلي.
فقد ظهر لعامة الخلائق أن أبا بكر رضي الله عنه أخص الناس بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، فهذا النبي وهذا صديقه. فإذا كان محمد أفضل النبيين فصديقه أفضل الصديقين. فكثرة الاختصاص والصحبة مع كمال المودة والإسلام والمحبة والمشاركة في العلم تقتضي أنهما أحق بالخلافة من غيرهما [3] . [1] البخاري ك 4 ب65، 66 ك5/ 94 وانظر جامع الأصول جـ9/176، 178، وأخرج البيهقي عن الزعفراني قال: سمعت الشافعي يقول: أجمع الناس على خلافة أبي بكر الصديق، وذلك أنه اضطر الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يجدوا تحت أديم السماء خيرًا من أبي بكر فولوه رقابهم (السيوطي ص66) . [2] انظر الهدي النبوي لابن القيم جـ2/94 الفائدة في ترك إجابتهم أولاً، وأنه لم ينهه عن ترك إجابتهم لما قال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم وأمر بإجابتهم عند قولهم أعل هبل. [3] منهاج جـ4/54، 135- 140، 104، جـ1/188.
ملحوظة: هذا الترتيب ووضع الأرقام من اجتهادي خصوصًا فيما يتعلق بالخلافة.