تخوفوني؟! أقول: وليت عليهم خير أهلك. وقد رجع طلحة عن ذلك رضي الله عنه [1][2] .
قلت ويأتي بيان ما جعل الله فيه من الرحمة بعد الولاية.
كمال سياسة الصديق
مما يدل على كمال سياسة الصديق وأنه أفضل من كل من ولي الأمة، بل وممن ولي غيرها من الأمم بعد الأنبياء، وإنه معلوم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل الأولين والآخرين، أفضل من جميع الخلق من جميع العالمين. وقد ثبت في الصحيحين أنه قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون. قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا. قال: فوا ببيعة الأول فالأول» [3] ، ومن المعلوم أن من تولى بعد الفاضل إذا كان فيه نقص كثير عن سياسة الأول ظهر لك النقص ظهورًا بينًا، وهذا معلوم من حال الولاة إذا تولى ملك بعد ملك أو قاض بعد قاض أو شيخ بعد شيخ أو غير ذلك فإن الثاني إذا كان ناقص الولاية نقصًا بينًا ظهر ذلك فيه، وتغيرت الأمور التي كان الأول قد نظمها وألفها.
ثم الصديق تولى بعد أكمل الخلق سياسة فلم يظهر في الإسلام نقص بوجه من الوجوه؛ بل قاتل المرتدين حتى عاد الأمر إلى ما كان [1] منهاج جـ4/124، جـ3/ 214، 163، 164، 268. [2] وتقدم قول عائشة «فسد ثلمه بنظيره في الرحمة، وشقيقه في السيرة والمعدلة، ذاك ابن الخطاب، لله أم حفلت له، ودرت عليه، لقد أوحدت به، فنفخ الكفرة، وديخها، وشرد الشرك شذر مذر، وبعج الأرض، وبخعها» وأخرج ابن سعد عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر لما مات ارتجت مكة. فقال أبو قحافة: ما هذا؟ قالوا: مات ابنك. قال: رزء جليل، من قام بالأمر بعده؟ قالوا: عمر. قال: صاحبه. (تأريخ الخلفاء ص85) . [3] البخاري ك 60 ب 50. مسلم 1842.