منزلته قبل الإسلام
كان معظمًا في قريش، محببًا، مؤلفًا، خبيرًا بأنساب العرب وأيامهم [1] ، وكانوا يألفونه لمقاصد التجارة ولعلمه وإحسانه، وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرًا نحو أرض الحبشة حتى بلغ برك الغماد [2] لقيه ابن الدغنة [3] أمير من أمراء العرب سيد القارة [4] فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي» .
قال ابن الدغنة: فإن مثلك لا يَخْرُج ولا يُخْرَج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الحق، فأنا لك جار، فارجع واعبد ربك ببلدك، فرجع وارتحل معه ابن الدغنة، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش، وقال لهم: «إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج، أتخرجون رجلاً يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق؟» الحديث [5] . ويأتي بتمامه. [1] قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحسان بن ثابت لما أمره بهجاء قريش: «لا تعجل إن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها وإن لي فيهم نسبًا حتى يخلص لك نسبي» صحيح مسلم (ط تركيا، ك44 ح157) .
وأخرج ابن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن شيخ من الأنصار قال: كان جبير بن مطعم من أنسب قريش لقريش والعرب قاطبة وكان يقول: إنما أخذت النسب من أبي بكر الصديق، (تاريخ الخلفاء للسيوطي ص42، 43) . [2] موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر. وقيل بلد باليمن. (معجم البلدان لياقوت) . [3] بضم المهملة والمعجمة وتشديد النون عند أهل اللغة. وعند الرواة بفتح أوله وكسر ثانيه وتخفيف النون، الدغنة أمه، وقيل أم أبيه وقيل ابنته، قيل اسمه الحارث بن يزيد. [4] القارة قبيلة مشهورة من بني الهون بن خزيمة بن مدركة. [5] أخرجه البخاري ك63 ب45.