وفي الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «يا رسول الله {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} » [1] أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر ويخالف؟ قال: «لا يا ابنة الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويخاف ألا يقبل منه» [2][3] . الصديق أبلغ من الصادق
الوصف بالصديق أكمل من الوصف بالصادق، فكل صديق صادق، وليس كل صادق صديقًا. وأبو بكر ليست فضيلته في مجرد كونه صادقًا ليس غيره أكثر تحريًا للصدق منه؛ بل في أنه علم ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة وتفصيلاً، وصدق ذلك تصديقًا كاملاً في العلم والقصد والقول والعمل. [1] سورة المؤمنون: 60. [2] أخرجه الترمذي في تفسير سورة المؤمنون (رقم 3225) وابن ماجه جـ2/1404. [3] منهاج السنة جـ2/222، جـ4/61، 62، 254 باختصار. قلت: ومنها ما جاء في قصة الإسراء «أنه لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد الأقصى أصبح يحدث الناس بذلك، فارتد ناس كانوا آمنوا به، وسعى رجال من المشركين إلى أبي بكر فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس. قال: وقد قال ذلك؟ قالوا: نعم. قال: لئن قال ذلك لقد صدق. قالوا: أتصدقه أنه ذهب إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ فقال: نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، في خبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي الصديق» . أخرج الحاكم والبيهقي والطبراني، ويأتي حديث «إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت» . وذكر النووي عن مصعب بن الزبير قال: وأجمعت الأمة على تسميته بالصديق، لأنه بادر إلى تصديق الرسول، ولازم الصدق فلم تقع منه هناة ما، ولا وقفة في حال من الأحوال، وكان له في الإسلام المواقف الرفيعة، (تهذيب اللغات 2/181 طبع مصر) . وعن الشعبي قال: خص الله تبارك وتعالى أبا بكر بأربع خصال لم يخص بها أحدًا من الناس: سماه الصديق ولم يسم أحدًا الصديق غيره (تأريخ الخلفاء ص60 نقلاً عن الدينوري وابن عساكر) .