فسلم، وقال: يا رسول الله إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي فأبى علي، فأقبلت إليك. فقال: يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثًا. ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثم أبو بكر؟ قالوا: لا. فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه فجعل وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتمعر [1] حتى أشفق أبو بكر [2] فجثى على ركبتيه فقال يا رسول الله: والله إنا كنت أظلم مرتين [3] فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله [4] فهل أنتم تاركو لي صاحبي مرتين. فما أوذي بعدها» [5] .
وفي رواية: «كانت بين أبي بكر وعمر محاورة [6] فأغضبه أبو بكر، فانصرف عنه عمر مغضبًا، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له فلم يفعل، حتى أغلق بابه في وجهه. قال: وغضب النبي - صلى الله عليه وسلم -» وفيه «إني قلت: يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت» [7] .
فهذا يبين فيه أنه لم يكذبه قط، وأنه صدقه حين كذبه الناس طرًا، وهذا ظاهر في أنه صدقه قبل أن يصدقه أحد من الناس الذين بلغهم الرسالة. [1] أي تذهب نضارته من الغضب. [2] أن يكون لعمر من الرسول ما يكره. [3] لأنه هو الذي بدأ. [4] المراد به أن صاحب المال يجعل يده ويد صاحبه في ماله سواء.. ومواساته بنفسه وقايته في المخاوف كما يأتي في قصة الهجرة وغيرها. [5] لما أظهره النبي - صلى الله عليه وسلم - من تعظيمه. [6] مراجعة. [7] والحديث في البخاري (ك 62 ب5، ك 65 سورة 7 ب 3) .