أحدهم ولا نصيفه» [1] . فإن إطعام الجائع من جنس الصدقة المطلقة التي يمكن كل واحد فعلها إلى يوم القيامة. وقال يعقوب بن سليمان في تأريخه: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان، حدثنا هشام عن أبيه: أسلم أبو بكر وله أربعون ألف درهم، فأنفقها في سبيل الله؛ أعتق بلالاً، وعامر بن فهيرة، وزنيرة، والنهدية، وابنتها، وجارية بني المؤمل، وأم عبيس [2] . وقال أبو قحافة له: يا بني أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو اعتقت قومًا يمنعونك. فقال: إني أريد ما أريد [3] .
ولما هاجر استصحب ماله فجاء أبو قحافة، وقال لأهله: ذهب أبو بكر بنفسه فهل ترك ماله عندكم أو أخذه؟ قالت أسماء: فقلت: بل تركه، ووضعت في الكوة شيئًا وقلت هذا هو المال لتطيب نفسه أنه ترك ذلك لعياله، ولم يطلب أبو قحافة منه شيئًا. وهذا يدل على غناه. وأصحاب الصفة كانوا فقراء فحث النبي - صلى الله عليه وسلم - على طعمتهم فذهب بثلاثة، وانطلق نبي الله بعشرة [4] وكان الصديق ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابة بعيدة، وكان ممن يتكلم في الإفك، فحلف أبو بكر أن لا ينفق عليه، فأنزل الله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} إلى قوله: {وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [5] فقال أبو بكر: بلى والله أحب أن يغفر [1] أخرجه مسلم (ك 44 ح 221 ص1967) بلفظ «ما أدرك من أحدهم ... » وأخرجه البخاري ك 62 ب5. [2] وأخرج سعيد بن الأعرابي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أسلم أبو بكر رضي الله عنه يوم أسلم وفي منزله أربعون ألف درهم فخرج إلى المدينة في الهجرة وماله غير خمسة آلاف كل ذلك ينفقه في الرقاب والعون على الإسلام. [3] وفي رواية ابن جرير قال: «يا أبت إني أريد ما عند الله» . [4] أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن أبي بكر. انظر البخاري ك61 ب25. [5] سورة النور: 22.