فصار مختصًا بالأكملية من الصحبة، وهذا مما لا نزاع فيه بين أهل العلم بأحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، كما في الحديث الذي رواه البخاري، عن أبي الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه: «هل أنتم تاركو لي صاحبي؟» فقد تبين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خصه دون غيره مع أنه جعل غيره من أصحابه أيضًا؛ لكنه خصه بكمال الصحبة، ولهذا قال من قال من العلماء: إن فضائل الصديق خصائص لم يشركه فيها غيره [1] .
5- أنه المشفق عليه:
قوله: {لا تَحْزَنْ} يدل على أن صاحبه كان مشفقًا عليه محبًا له ناصرًا له حيث حزن، وإنما يحزن الإنسان حال الخوف على من يحبه. وكان حزنه على النبي لئلا يقتل ويذهب الإسلام، ولهذا لما كان معه في سفر الهجرة كان يمشي أمامه تارة، ووراءه تارة، فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: «أذكر الرصد فأكون أمامك، وأذكر الطلب فأكون وراءك» رواه أحمد في كتاب مناقب الصحابة، فقال: حدثنا وكيع، عن نافع، عن ابن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: «لما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج معه أبو بكر فأخذ طريق ثور، قال: فجعل أبو بكر يمشي خلفه ويمشي أمامه فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لك؟ قال: يا رسول الله أخاف أن تؤتى من خلفك فأتأخر، وأخاف أن تؤتى من أمامك فأتقدم، قال: فلما انتهينا إلى الغار قال أبو بكر: يا رسول الله كما أنت حتى أيمه» قال نافع حدثني رجل عن ابن أبي مليكة أن أبا بكر رأى جحرًا في الغار فألقمها قدمه، وقال يا رسول الله إن كانت لسعة أو لدغة كانت بي» فلم يكن يرضى بمساواة النبي؛ بل كان لا يرضى بأن يقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يعيش؛ بل كان يختار أن يفديه بنفسه وأهله وماله. وهذا واجب على [1] جـ 4/ 252، 245.