7- أنه صاحبه في حال إنزال السكينة والنصر:
قال الله تعالى: {فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} [1] فإن من كان صاحبه في حال الخوف الشديد فلأن يكون صاحبه في حضور النصر والتأييد أولى وأحرى، فلم يحتج أن يذكر صحبته له في هذه الحال لدلالة الكلام والحال عليها، وإذا علم أنه صاحبه في هذه الحال علم إنما حصل للرسول من إنزال السكينة والتأييد بالجنود التي لم يرها الناس لصاحبه المذكور فيها أعظم مما لسائر الناس، وهذا من بلاغة القرآن وحسن بيانه [2] .
قصة سفره مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة
روى البخاري في صحيحه عن عروة عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «هاجر إلى الحبشة رجال من المسلمين، وتجهز أبو بكر مهاجرًا [3] فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي. فقال أبو بكر: أو ترجوه بأبي أنت؟ قال: نعم. فحبس أبو بكر نفسه على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولصحبته، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر، قال عروة: قالت عائشة: فبينما نحن يومًا جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة فقال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقبلاً متقنعًا [4] في ساعة لم يكن يأتينا فيها. قال أبو بكر: فدًا له أبي وأمي، والله إن جاء [1] سورة التوبة: 40. [2] منهاج جـ4/272. قال ابن القيم رحمه الله: وكان شيخنا قدس الله روحه يقول: الضمير عائد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى صاحبه تبعًا له فهذا الذي أنزلت عليه السكينة وهو الذي أيده الله بالجنود وسرى ذلك إلى صاحبه (بدائع 4/112) . [3] وفي لفظ: «استأذن أبو بكر ... » . [4] متقنعًا: متغشيًا بثوب أو نحوه.