ويرويه عن أبيه خاصة، وقاله على المنبر، وروى عنه أنه سمع ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا ريب أن عليًا لا يقطع بذلك إلا عن علم، وهو الذي يليق بعلي رضي الله عنه، فإنه من أعلم الصحابة بحق أبي بكر، وعمر، وأعرف بمكانهما من الإسلام، وحسن تأثيرهما في الدين، حتى أنه تمنى أن يلقى الله بمثل عمل عمر رضي الله عنهم أجمعين، وقد سمى علي رضي الله عنه ابنيه: أبا بكر، وعمر.
وكان علي رضي الله عنه يقول: لا أوتي بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري [1] . وليس هذا من باب التواضع، بالمتواضع لا يجوز أن يتقدم بعقوبة من يفضله بقول الحق ولا يسميه مفتريًا.
والمتواتر عن ابن عباس أنه كان يفضل أبا بكر وعمر على علي،
وروى ابن بطة بسنده قال: سمعت ليث بن أبي سليم يقول: أدركت الشيعة الأولى وما يفضلون على أبي بكر وعمر أحدًا. وقال شريك بن أبي نمر وقال له قائل: أيما أفضل أبو بكر أو علي؟ قال له: أبو بكر. فقال له السائل: تقول هذا وأنت من الشيعة؟ فقال: نعم، إنما الشيعي من يقول هذا، والله لقد رقى على هذه الأعواد فقال: ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وعمر. أفكنا نرد عليه قوله؟ أفكنا نكذبه؟ والله ما كان كذابًا. وذكر القاضي عبد الجبار وعزاه إلى كتاب أبي القاسم البلخي [2] .
وقال الشيخ رحمه الله بعد أن ذكر آية {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ [1] انظر مناقب العشرة جـ1 ص401، فضائل الصحابة جـ1/ 83 (رقم 49) . [2] وحكى أبو منصور البغدادي إجماع أهل السنة على أن أفضل الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم سائر العشرة، ثم باقي أهل بدر، ثم باقي أهل أحد، ثم باقي أهل البيعة (بيعة الرضوان) ثم باقي الصحابة. (تاريخ الخلفاء للسيوطي ص44) .