يوم الاثنين، فكان مدة مرضه فيما قيل اثني عشر يومًا، وكانت حجرته - صلى الله عليه وسلم - إلى جانب المسجد. ففي هذا أنها راجعته، وأمرت حفصة بمراجعته، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لامهن على هذه المراودة، وجعلها من المراودة على الباطل، كمراودة صواحب يوسف ليوسف، فدل هذا على تقديم غير أبي بكر في الصلاة من الباطل الذي يذم من يراود عليه، هذا مع أن أبا بكر قد قال لعمر يصلي فلم يتقدم عمر، وقال: أنت أحق بذلك، فكان في هذا اعتراف عمر له أنه أحق بذلك منه، كما اعترف له أنه أحق بالخلافة منه ومن سائر الصحابة. وأنه أفضلهم [1] .
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد راجعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلاً قام مقامه أبدًا، فأردت أن يعدل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أبي بكر [2] .
وكشف الستارة يوم مات وهم يصلون خلف أبي بكر فسر بذلك ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن أبا بكر كان يصلي لهم في وجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجعه الذي توفي فيه، حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة كشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستر الحجرة فنظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف [3] ، ثم تبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحكًا، قال فبهتنا ونحن في الصلاة من فرح بخروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف، وظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خارج للصلاة، فأشار إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده أن أتموا [1] كما يأتي. [2] البخاري ك 64 ب83 مسلم ك 4 ح 93 رقم 313. [3] عبارة عن الجمال البارع وحسن البشرة وصفاء الوجه واستنارته.