والذين بايعوه هم الذين بايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة، وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه، وهم أهل الإيمان والهجرة والجهاد.
ثم إنه في مدة ولايته قاتل بهم المرتدين والمشركين ولم يقاتل مسلمين؛ بل أعاد الأمر إلى ما كان عليه قبل الردة، وأخذ يزيد الإسلام فتوحًا، وشرع في قتال فارس والروم، ومات والمسلمون محاصرو دمشق. وخرج منها أزيد ما دخل فيها، ولم يستأثر عنهم بشيء، ولا أمر له قرابة.
ثم ولى عمر بن الخطاب؛ ففتح الأمصار، وقهر الكفار، وأعز أهل الإيمان، وأذل أهل النفاق والعدوان، ونشر الإسلام والدين وبسط العدل في العالمين، ووضع ديوان الخراج والعطاء لأهل الدين، ومصر الأمصار للمسلمين، وخرج منها أزيد مما دخل فيها، لم يتلوث لهم بمال، ولا ولى أحدًا من أقاربه ولاية، فهذا أمر يعرفه كل أحد.
2- أن المسلمين اتبعوا الحق في بيعته لا الهوى وهذا من كمالهم فيقال: دواعي المسلمين بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت متوجهة إلى اتباع الحق، وليس لهم ما يصرفهم عنه وهم قادرون على ذلك، وإذا حصل الداعي إلى الحق وانتفى الصارف مع القدرة وجب الفعل. فعلم أن المسلمين اتبعوا فيما فعلوه الحق، ذلك أنهم خير الأمم، وقد أكمل الله لهم الدين وأتم عليهم النعمة، ولم يكن عند الصديق رضي الله عنه غرض دنيوي يقدمونه لأجله، بل لو فعلوا بموجب الطبع لقدموا عليًا، وكانت الأنصار لو اتبعت الهوى أن تتبع رجلاً من بني هاشم أحب إليها أن تتبع رجلاً من بني تيم، وكذلك عامة قبائل قريش لا