قال: كذبتَ يا عدو الله.
فأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر مالاً وإبلاً وعروضاً من أقتاب وحبال وغير ذلك. (1)
وقال ابن حجر: " أشار - صلى الله عليه وسلم - إلى إخراجهم من خيبر، وكان ذلك من إخباره بالمغيَّبات قبل وقو عها". (2)
ولم يكن فتحُ خيبرَ الوعد الوحيد الذي وعده الله أصحابَ الشجرة، بل قد بشّرهم بغيرِها، فقد بشرهم بفتح بلاد منيعة لم يقدروا على فتحها من قبل.
واختلف العلماء في تحديدها، هل هي الطائف أو مكة؟ فكلتاهما استعصت على المسلمين، قال تعالى: {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيءٍ قديراً} (الفتح: 21).
والذي اختاره الطبري وغيرُه أن هذه الآية الكريمة بشارة بفتح مكة، وأنها البقعة التي رامها المسلمون ولم يقدروا عليها بعد، قال الطبري: " المعنيُّ بقوله: {وأخرى لم تقدروا عليها} غير [غيرُ خيبر]، وأنها هي التي قد عالجها ورامها فتعذّرت، فكانت مكةُ وأهلُها كذلك، وأخبر الله تعالى ذِكرُه نبيَه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين أنه أحاط بها وبأهلها، وأنه فاتحُها عليهِم". (3)
وتحقق الوعد بفتح مكة التي وعد الله - من قبل - نبيه بفتحها يوم الهجرة، وهو قريب من الجُحفة فقال له مواسياً: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} (القصص: 85).
قال القرطبي: "ختم السورة [سورة القصص] ببشارة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - بردِّه إلى مكة قاهراً لأعدائه .. وهو قول جابر بن عبد الله وابن عباس ومجاهد وغيرهم". (4)
(1) رواه البخاري ح (2528).
(2) فتح الباري (5/ 387).
(3) جامع البيان (11/ 350).
(4) الجامع لأحكام القرآن (13/ 248).