قال أبو بكر: فأين تريد يا رسول الله؟
قال: قريشاً، وأخفِ ذلك يا أبا بكر.
وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس بالجهاز، وأخفى عنهم الوجه الذي يريده.
واستمع المسلمون لأمر القيادة العليا، فمضوا يعبئون قواهم ويستعدون للسير مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - [1]، ولما كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد كتم النبأ، فقد ظن بعض أصحابه أنه كان يُخطّط لغزو الروم، ومنهم من اعتقد أنه يُخطط لهوازن وثقيف وهكذا.
وفي تكتمه ذلك أرسل عليه الصلاة والسلام لسكان البادية ومن دخل في الإسلام من حوله بالقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة، وقد لاقت دعوته قبولاً واستجابة.
وقد عقد الرسول عليه الصلاة والسلام مجلساً مع خاصة أصحابه، فأشار عليه أبو بكر بما كان يرغب فيه من التأني، في حين كان عمر بن الخطاب يرى ضرورة المضي بقرار فتح مكة؛ لأنه لا وسيلة لضم القبائل [1] قال ابن هشام في السيرة، 4/ 56 - 57: وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجهاز، وأمر أهله أن يجهّزوه، فدخل أبو بكر على ابنته عائشة رَضْيَ اللَّهُ عنْهَا وهي تحرك بعض جهاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أي بنيّة أأمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تجهّزوه؟ قالت: نعم، فتجهّز. قال: فأين ترينه يريد؟ قالت: لا، والله ما أدري. ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم الناس أنه سائر إلى مكة، وأمرهم بالجد والتهيؤ وقال: ((اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها)) فتجهز الناس.
انظر: زاد المعاد، 3/ 398، والفصول في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ص175، وحديث: ((اللهم خذ العيون)) صححه محقق سيرة ابن هشام، وانظر أيضاً: أحمد السايح، معارك حاسمة في حياة المسلمين ص89.