responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 124
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ) [الجاثية: 24 - 27].
وفاتهم أن الذي خلقهم أول مرة قادر على أن يحييهم يوم القيامة, قال مجاهد وغيره: جاء أُبي بن خلف [1] إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم، وهو يفتته ويذروه في الهواء، وهو يقول: يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا؟ قال صلى الله عليه وسلم: «نعم يميتك الله تعالى، ثم يبعثك، ثم يحشرك إلى النار» ونزلت هذه الآيات [2] (أَوَ لَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ - وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ - قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) [يس: 77 - 79].
كانت أساليب القرآن الكريم في إقناع الناس بالبعث اعتمدت على خطاب العقل، والانسجام مع الفطرة، والتجاوب مع القلوب، فقد ذكَّر الله عباده أن حكمته تقتضي بعث العباد للجزاء والحساب، فإن الله خلق الخلق لعبادته، وأرسل الرسل, وأنزل الكتب, لبيان الطريق الذي به يعبدونه ويطيعونه ويتبعون أمره ويجتنبون نهيه، فمن العباد من رفض الاستقامة على طاعة الله، وطغى وبغى، أفليس بعد أن يموت الطالح والصالح, ولا بد أن يجزي الله المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته, قال تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ - مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ - أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ - إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ) [القلم:35 - 38] إن الملاحدة الذين ظلموا أنفسهم هم الذين يظنون الكون خلق عبثًا وباطلاً لا لحكمة، وأنه لا فرق بين مصير المؤمن المصلح والكافر المفسد، ولا بين التقي والفاجر [3]، قال تعالى (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ - أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) [ص: 27، 28].
وضرب القرآن الكريم للناس الأمثلة في إحياء الأرض بالنبات, وإن الذي أحيا الأرض بعد موتها قادر على إعادة الحياة إلى الجثث الهامدة والعظام البالية (فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْييِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الروم: 50].
وذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه إحياء بعض الأموات في هذه الحياة الدنيا، فأخبر الناس في كتابه عن أصحاب الكهف, بأنه ضرب على آذانهم في الكهف ثلاثمائة وتسع سنين, ثم قاموا من رقدتهم بعد تلك الأزمان المتطاولة, قال تعالى: (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا) [الكهف: 12]. (وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) [الكهف: 19].

[1] وفي رواية عن ابن عباس أنه العاص بن وائل.
[2] تفسير ابن كثير (3/ 581).
[3] انظر: الوسطية في القرآن الكريم ص402.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست