responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 163
لمألوفه وعادته- وقد كان هذا هو حجر الأساس في إعداد شخصية العربي المسلم لإنشاء (المجتمع المسلم).
2 - وربما كان ذلك أيضا؛ لأن الدعوة السلمية, أشد أثرًا وأنفذ في مثل بيئة قريش ذات العنجهية والشرف، والتي قد يدفعها القتال معها -في مثل هذه الفترة- إلى زيادة العناد, ونشأة ثارات دموية جديدة, كثارات العرب المعروفة أمثال داحس والغبراء وحرب البسوس، وحينئذ يتحول الإسلام من دعوة إلى ثارات, تنسى معها فكرته الأساسية.
3 - وربما كان ذلك أيضًا اجتنابًا لإنشاء معركة ومقتلة داخل كل بيت، فلم تكن هناك سلطة نظامية عامة هي التي تعذب المؤمنين، وإنما كان ذلك موكولاً إلى أولياء كل فرد, ومعنى الإذن بالقتال، في مثل هذه البيئة، أن تقع معركة ومقتلة في كل بيت ثم يقال: هذا هو الإسلام، ولقد قيلت حتى والإسلام يأمر بالكف عن القتال، فقد كانت دعاية قريش في المواسم، إن محمدًا يفرق بين الوالد وولده، فوق تفريقه لقومه وعشيرته, فكيف لو كان كذلك يأمر الولد بقتل الوالد، والمولى بقتل الولي؟
4 - وربما كان ذلك أيضًا, لما يعلمه الله, من أن كثيرًا من المعاندين الذين يفتنون المسلمين عن دينهم ويعذبونهم, هم بأنفسهم سيكونون من جند الإسلام المخلص، بل من قادته، ألم يكن عمر بن الخطاب من بين هؤلاء؟
5 - وربما كان ذلك أيضًا؛ لأن النخوة العربية في بيئة قبلية من عادتها أن تثور للمظلوم الذي يحتمل الأذى، ولا يتراجع, وبخاصة إذا كان الأذى واقعا على كرام الناس فيهم، وقد وقعت ظواهر كثيرة تثبت صحة هذه النظرة في هذه البيئة، فابن الدُّغُنَّة [1] لم يرض أن يترك أبا بكر وهو رجل كريم يهاجر ويخرج من مكة، ورأى في ذلك عارًا على العرب، وعرض عليه جواره وحمايته، وآخر هذه الظواهر نقض صحيفة الحصار لبني هاشم في شعب أبي طالب.
6 - وربما كان ذلك أيضًا لقلة عدد المسلمين حينئذ, وانحصارهم في مكة، حيث لم تبلغ الدعوة إلى بقية الجزيرة أو بلغت ولكن بصورة متناثرة، حيث كانت القبائل تقف على الحياد من معركة داخلية بين قريش، وبعض أبنائها، لترى ماذا يكون مصير الموقف, ففي مثل هذه الحالة قد تنتهي المعركة المحدودة إلى قتل المجموعة المسلمة القليلة، حتى ولو قتلوا هم أضعاف من سيقتل منهم، ويبقى الشرك ولا يقوم للإسلام في الأرض نظام، ولا يوجد له كيان واقعي، وهو دين جاء ليكون منهج حياة ونظام دنيا وآخرة.
7 - إنه لم تكن هناك ضرورة قاهرة ملحة، لتجاوز هذه الاعتبارات كلها، والأمر بالقتال، ودفع

[1] ابن الدغنة: رجل جاهلي أجار أبي بكر عندما أخرجه قومه وأراد الهجرة إلى الحبشة، انظر: الإصابة (2/ 344).
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست