responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 262
الأنصاري بالأجر كله [1].
إن جانب البذل والعطاء ظاهرة نحن بحاجة إلى الإشارة إليها في كل وقت، إننا في عالمنا المعاصر، وفي الصف الإسلامي وفي رحلة لبضعة أيام تتكشف النفوس والعيوب والحزازات والظنون، وهذا مجتمع يبني ولما يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد، ومع ذلك تفتح البيوت للوافدين الجدد ليس على مستوى فرد فقط، بل على مستوى جماعي كذلك، ويقيم المهاجرون في بيوت الأنصار أشهراً عدة، والمعايشة اليومية مستمرة، والأنصار يبذلون المال والحب والخدمات لإخوانهم القادمين إليهم، نحن أمام مجتمع إسلامي بلغ الذروة في لحمته وانصهاره، ولم يكن المهاجرون إلا القدوة للأنصار بالبذل والعطاء، فلم يكونوا أصلاً فقراء، بل كانوا يملكون المال، ويملكون الدار، وتركوا ذلك كله ابتغاء مرضاة الله، وبذلوه كله لطاعته جل وعلا، فكانوا كما وصفهم القرآن الكريم: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحشر:8].
كان هذا المجتمع المدني الجديد يتربى على معاني الإيمان والتقوى، ولم يصل النبي صلى الله عليه وسلم بعد، ولكن تحت إشراف النقباء الاثني عشر الذين كانوا في كفالتهم لقومهم، ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم، وبإشراف قيادات المهاجرين الكبرى، التي وصلت المدينة والذين استقوا جميعاً من النبع النبوي الثر، واقتبسوا من هديه [2].
ومن معالم هذا المجتمع الجديد ذوبان العصبية، فقد كان إمام المسلمين سالم مولى أبي حذيفة - رضي الله عنه -؛ لأنه كان أكثرهم قرآنا، فهذا المجتمع الذي يوجد فيه علية أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار وسادة العرب من قريش والأوس والخزرج، يقوده ويؤمه حامل القرآن، فالكرامة العليا فيه لقارئ كتاب الله وحامله، وحامل القرآن في المجتمع الإسلامي هو نفسه حامل اللواء في الحرب، فليس بينهما ذلك الانفصام الذي نشهده اليوم من حملة القرآن من الحفاظ، وبين المجاهدين في سبيل الله، فقد كان حامل لواء المهاجرين في معركة اليمامة سالم مولى أبي حذيفة، فقيل له في ذلك، فكان شعاره: بئس حامل القرآن- يعني إن فررت- فقطعت يمينه، فأخذ اللواء بيساره فقطعت، فاعتنقه إلى أن صرع، واستُشهد في سبيل الله [3].
ومن معالم المجتمع الإسلامي الجديد: حرية الدعوة إلى الله علانية، فقد أصبح واضحاً عند الجميع أن معظم قيادات يثرب دخلت في هذا الدين، ونشط الشباب والنساء، والرجال في الدعوة إلى الله، والتبشير بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدم وساق.

[1] انظر: المرأة في العهد النبوي، ص132.
[2] انظر: التربية القيادية، (2/ 171، 172).
[3] انظر: التربية القيادية، (2/ 174، 175).
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست