responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 334
ينادي بعض المخدوعين ويرون ذلك عدلاً [1] فالاختلاف في المواهب والقدرات، والتفاوت في الدرجات غاية من غايات الخلق [2]، ولكن المقصود المساواة التي دعت إليها الشريعة الإسلامية، مساواة مقيدة بأحوال، وليست مطلقة في جميع الأحوال [3] فالمساواة تأتي في معاملة الناس أمام الشرع، والقضاء، وكافة الأحكام الإسلامية، والحقوق العامة دون تفريق بسبب الأصل، أو الجنس، أو اللون، او الثروة أو الجاه، أو غيرها [4].
كانت الوثيقة قد اشتملت على أتم ما قد تحتاج الدولة من مقوماتها الدستورية والإدارية، وعلاقة الأفراد بالدولة، وكان القرآن يتنزل في المدينة عشر سنين، يرسم للمسلمين، خلالها مناهج الحياة، ويرسي مبادئ الحكم، وأصول السياسة، وشئون المجتمع وأحكام الحرام والحلال وأسس التقاضي، وقواعد العدل، وقوانين الدولة المسلمة في الداخل والخارج، والسنة الشريفة تدعم هذا وتشيده، وتفصله في تنوير وتبصرة، فالوثيقة خطت خطوطاً عريضة في الترتيبات الدستورية، وتعتبر في القمة من المعاهدات التي تحدد صلة المسلمين بالأجانب الكفار المقيمين معهم، في شيء كثير من التسامح والعدل والمساواة، وعلى التخصيص إذا لوحظ أنها أول وثيقة إسلامية، تسجل وتنفذ في أقوام كانوا منذ قريب وقبل الإسلام أسرى العصبية القبلية، ولا يشعرون بوجودهم إلا من وراء الغلبة، والتسلط وبالتخوض في حقوق الآخرين وأشيائهم [5]. كانت هذه الوثيقة فيها من المعاني الحضارية الشيء الكثير، وما توافق الناس على تسميته اليوم بحقوق الإنسان، وإنه لا بد على الجانبين المتعاقدين أن يلتزموا ببنودها، فهل حدث هذا الالتزام [6]؟.

ثالثاً: موقف اليهود في المدينة:
لقد قامت الحجج القاطعة والبراهين الساطعة لليهود على صدق رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن ذلك لم يزدهم إلا عناداً وعداوة واستكباراً وحقداً وحسداً على الرسول والذين آمنوا معه، فعن صفية بنت حُيَي بن أخطب أنها قالت: «كنت أحب ولد أبي إليه، وإلى عمي أبي ياسر، لم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه، قالت: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ونزل قباء في بني عمرو بن عوف، غدا عليه أبي، حيي بن أخطب، وعمي، أبو ياسر بن أخطب، مُغَلَّسين، قالت: فلم يرجعا حتى كان مع غروب الشمس، قالت: فأتيا كالَّين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى، قالت: فَهشِشت إليهما، كما كنت أصنع، فوالله

[1] انظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها للميداني (1/ 624).
[2] انظر: فلسفة التربية الإسلامية، ماجد الكيلاني، ص179.
[3] انظر: مبادئ علم الإدارة، محمد نور الدين، ص116.
[4] انظر: فقه التمكين، د. على الصلابي، ص463.
[5] انظر: صور وعبر من الجهاد النبوي في المدينة، د. محمد فيض الله، ص29، 30.
[6] انظر: هجرة الرسول وصحابته للجمل، ص261.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست