responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 346
والانحراف، ومقتضى هذا الحرص أن يتوجه في صلاته بشكل دائم إلى قبلة أبي الأنبياء، وهو أول بيت وضع للناس [1].
إن لحادثة تحويل القبلة أبعاداً كثيرة: منها السياسي: ومنها العسكري، ومنها الديني البحت، ومنها التاريخي، فبُعدها السياسي أنها جعلت الجزيرة العربية محور الأحداث، وبعدها التاريخي أنها ربطت هذا العالم بالإرث العربي لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، وبعدها العسكري أنها مهدت لفتح مكة وإنهاء الوضع الشاذ في المسجد الحرام، حيث أصبح مركز التوحيد مركزاً لعبادة الأصنام، وبعدها الديني أنها ربطت القلب بالحنيفية، وميزت الأمة الإسلامية عن غيرها، والعبادة في الإسلام عن العبادة في بقية الأديان [2].
هـ- (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ - وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ - كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ - فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ)
[البقرة: 149 - 152].
كأن الله تعالي يقول للمؤمنين: إن نعمة توجيهكم إلى قبلتكم، وتمييزكم بشخصيتكم من نعائم الله عليكم، وقد سبقتها الآلاء من الله كثيرة عليكم ومنها:
* (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ) فوجود شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام المربين والدعاة، هو من خصيصة هذه النخبة القيادية، التي شرفها الله تعالى بأن يكون هو المسئول عن تربيتها، فقيه النفوس، وطبيب القلوب، ونور الأفئدة، فهو النور والبرهان والحجة.
* (يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا) فالمادة الأساسية للبناء والتربية كلام الله تعالى، وكان يرافقه شحنة عظيمة لنزوله أول الأمر غضًّا طريًّا، فكان جيلاً متميزاً في تاريخ الإنسانية.
* (وَيُزَكِّيكُمْ) فالمعلم المربي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو المسؤول عن عملية التربية، وهو الذي بلغ من الخلق والتطبيق لأحكام القرآن الكريم، ما وصفه الله تعالى به من هذا الوصف الجامع المانع الذي تفرد به من دون البشرية كافة (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم: 4] وهو الذي وصفته عائشة رضي الله عنها بأعظم ما يملك بشر أن يصف به نبي فقالت: «كان خلقه القرآن» فكان الصحابة يسمعون القرآن الذي يتلى من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرون القرآن الذي يمشي على الأرض متجسداً في خلقه الكريم.
* (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) فهذه المهمة الثالثة تعليم الصحابة الكرام الكتاب والحكمة،

[1] انظر: الصراع مع اليهود (1/ 100).
[2] انظر: الأساس في السنة (1/ 440).
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 346
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست