responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 503
ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب، وقد مُثِّل به حزن حزنًا شديدًا، وبكى حتى نشغ [1] من البكاء [2] وقال صلى الله عليه وسلم: «لولا أن تحزن صفية، ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير، ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلاً منهم»، فلما رأى المسلمون حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيظه على من فعل بعمه ما فعل، قالوا: والله لئن ظفرنا الله بهم يومًا من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب [3] , فنزل قول الله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ) [النحل: 126]. لقد ارتكب المشركون صورًا من الوحشية، حيث قاموا بالتمثيل في قتلى المسلمين فبقروا بطون كثير من القتلى وجدعوا أنوفهم، وقطعوا الآذان ومذاكير بعضهم [4]. ومع ذلك صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه واستجابوا لتوجيه المولى عز وجل، فعفا وصبر وكفَّر عن يمينه، ونهى عن المثلة.
روى ابن إسحاق بسنده عن سمرة بن جندب قال: (ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقام قط ففارقه، حتى يأمرنا بالصدقة وينهانا عن المثلة) [5].

ثالثًا: دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد:
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر قاعدًا لكثرة ما نزف من دمه، وصلى وراءه المسلمون قعود، وتوجه النبي صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة إلى الله بالدعاء والثناء على ما نالهم من الجهد والبلاء، فقال لأصحابه: «استووا، حتى أثني على ربي عز وجل» فصاروا خلفه صفوفًا، ثم دعا بهذه الكلمات الدالة على عمق الإيمان [6] , فقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مبعد لما قربت, اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، اللهم إني أسألك النعيم يوم الغلبة, والأمن يوم الخوف، اللهم عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعت، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين, وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا نادمين ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسولك، ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك، اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق» [7] ثم ركب فرسه ورجع إلى

[1] النشغ: الشهيق حتى يكاد يبلغ به الغشي.
[2] انظر: مختصر سيرة الرسول، لمحمد عبد الوهاب، ص331.
[3] انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/ 106).
[4] انظر: غزوة أحد لأبي فارس، ص104.
[5] انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/ 107).
[6] انظر: السيرة النبوية لأبي شهبة (2/ 210).
[7] انظر: مجمع الزوائد (6/ 121، 122) وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 503
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست