responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 737
المسلمين، فلم يبق أمام هؤلاء إلا الانسحاب المنظم وعلى هذا الأساس وضع خالد الخطة التالية:
أ- الحيلولة بين جيش الروم وجيش المسلمين، ليضمن لهذا الأخير سلامة الانسحاب.
ب- لبلوغ هذا الهدف، لا بد من تضليل العدو بإيهامه أن مددًا ورد إلى جيش المسلمين فيخفف من ضغطه وهجماته, ويتمكن المسلمون من الانسحاب، وصمد خالد حتى المساء عملا بهذه الخطة، وغير في ظلام الليل مراكز المقاتلين في جيشه، فاستبدل الميمنة بالميسرة، ومقدمة القلب بالمؤخرة، وفي أثناء عملية الاستبدال اصطنع ضجة صاخبة وجلبة قوية، ثم حمل على العدو، عند الفجر، بهجمات سريعة متتالية وقوية ليدخل في روعه إن إمدادات كثيرة وصلت إلى المسلمين [1].
ونجحت الخطة؛ إذ بدا للعدو صباحًا أن الوجوه والرايات التي تواجهه جديدة لم يرها من قبل، وأن المسلمين يقومون بهجمات عنيفة، فأيقن أنهم تلقوا إمدادات، وأن جيشًا جديدًا نزل إلى الميدان، وكان البلاء الحسن الذي أبلاه المسلمون قد فت في عضد الروم وحلفائهم، فأدركوا أن إحراز نصر حاسم ونهائي على المسلمين أمر مستحيل، فتخاذلوا وتقاعسوا عن متابعة الهجوم، وضعف نشاطهم واندفاعهم، فخف الضغط عن جيش المسلمين، وانتهز خالد الفرصة فباشر الانسحاب, وكانت عملية التراجع التي قام بها خالد في أثناء معركة (مؤتة) من أكثر العمليات في التاريخ العسكري مهارة ونجاحًا، بل إنها تتفق وتتلائم مع التكتيك الحديث للانسحاب, فقد عمد خالد إلى سحب الجناحين بحماية القلب، ولما أصبح الجناحان بمنأى عن العدو، وفي مأمن منه، عمد إلى سحب القلب بحماية الجناحين، إلى أن تمكن وضمن سلامة الانسحاب كليًّا [2]، ويقول المؤرخون: إن خسارة المسلمين لم تتعد الاثني عشر قتيلا في هذه المعركة، وأن خالدًا قال: (لقد انقطع في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقي إلا صفيحة يمانية) [3].
ويمكن القول إن خالدًا بخطته تلك، قد أنقذ الله المسلمين به من هزيمة ماحقة وقتل محقق, وأن انسحابه كان قمة النصر بالنسبة إلى ظروف المعركة، حيث يكون الانسحاب في ظروف مماثلة أصعب حركات القتال، بل أجداها وأنفعها [4].

خامسًا: معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم وموقف أهل المدينة من الجيش:
ظهرت معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم في أمر هذه السرية, فقد نعى المسلمين في المدينة زيدًا وجعفرًا

[1] البداية والنهاية (4/ 247)، الواقدي (2/ 764).
[2] انظر: معارك خالد بن الوليد، د. ياسين سويد، ص173.
[3] البخاري، كتاب المغازي (5/ 103) رقم 4266.
[4] انظر: معارك خالد بن الوليد، ص175.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 737
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست