responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 823
يد وهم صاغرون [1] , وهذه سياسة نبوية حكيمة اختطها رسول الله في بناء الدولة ودعوة الناس لدين الله، فقد استطاع أن يفصل بين المسلمين والروم بإمارات تدين للرسول بالطاعة وتخضع لحكم المسلمين، وأصبحت في زمن الخلفاء الراشدين نقاط ارتكاز سهلت مهمة الفتح الإسلامي في عهدهم, فمنها انطلقت قوات المسلمين إلى الشمال، وعليها ارتكزت لتحقيق هدفها العظيم [2].

رابعًا: وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم للجيش عند مروره بحجر ثمود:
قال أبو كبشة الأنصاري: - رضي الله عنه - لما كان في غزوة تبوك تسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى في الناس: «الصلاة جامعة» قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره، وهو يقول: «ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم؟» فناداه رجل منهم: نعجب منهم يا رسول الله، قال: «أفلا أنذركم بأعجب من ذلك؟ رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وما هو كائن بعدكم، فاستقيموا وسددوا، فإن الله عز وجل لا يعبأ بعذابكم شيئًا، وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئًا» [3]. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: إن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود، الحجر، واستقوا من بئرها، واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة [4] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، إلا أن تكونوا باكين حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم» ثم زجر [5] فأسرع حتى خلفها [6] , وهذا منهج نبوي كريم في توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته إلى الاعتبار بديار ثمود، وأن يتذكروا بها غضب الله على الذين كذبوا رسوله، وألا يغفلوا عن مواطن العظة برسومها الدارسة، وأطلالها القديمة، ونهاهم عن الانتفاع بشيء مما في ربوعها، حتى الماء لكيلا تفوت بذلك العبرة، وتخف الموعظة، بل أمرهم بالبكاء، وبالتباكي، تحقيقا للتأثر بعذاب الله, ولو أنهم مروا بها كما نمر نحن بآثار السابقين،
لتعرضوا لسخط الله، فإن الغابرين شهدوا المعجزات ودلائل النبوة، وعاينوا العجائب، لكن قست قلوبهم فاستهانوا بها، وحق عليهم العذاب، وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون من نقمة الله وغضبه.
إن الله عز وجل ما قص علينا من أنباء الأمم الخالية، إلا لكي نأخذ منها العظة والاعتبار، فإذا شهدنا بأعيننا ديارهم التي نزل فيها سخط المولى عز وجل وعذابه الأليم، وجب أن تكون

[1] محمد صادق عرجون (4/ 479).
[2] انظر: الصراع مع الصليبيين، ص221.
[3] انظر: الفتح الرباني (21/ 195).
[4] البخاري، كتاب الأنبياء، رقم 3379.
[5] زجر: أي زجر ناقته, ومعناه ساقها سوقا شديدا حتى خلفها أي جاوز المساكن.
[6] البخاري، كتاب الأنبياء، رقم 3381.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 823
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست