responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 833
المسلمين الصادقين, حيث إنه صلى الله عليه وسلم عامل المنافقين باللين والصفح، واختار للمسلمين الصادقين الشدة والعقوبة! ولا شك أن الشدة والقسوة في هذا المقام مع المسلمين مظهر للإكرام والتشريف، وهو ما لا يستحقه المنافقون، وكيف يستحق المنافقون أن تنزل آيات في توبتهم -على أي حال؟! إنهم كفرة، ولن ينشلهم شيء مما يتظاهرون به في الدنيا، من الدرك الأسفل في النار يوم القيامة، وقد أمر الشارع جل جلاله أن ندعهم لما تظاهروا به ونجري الأحكام الدنيوية حسب ظواهرهم، ففيم التحقيق عن بواطن أعذارهم وحقيقة أقوالهم، وفيم معاقبتهم في الدنيا على ما قد يصدر عنهم من كذب ونحن إنما نعطيهم الظاهر فقط من المعاملة والأحكام؛ كما يبدون لنا هم أيضًا الظاهر فقط من أحوالهم وعقائدهم, قال ابن القيم: وهكذا يفعل الرب -سبحانه- بعباده في عقوبات جرائمهم، فيؤدب عبده المؤمن الذي يحبه وهو كريم عنده، بأدنى زلة وهفوة, فلا يزال مستيقظا حذرًا، وأما من سقط من عين الله وهان عليه فإنه يخلي بينه وبين معاصيه، وكلما أحدث ذنبا أحدث له نعمة [1].

خامسًا: مسجد الضرار:
في أثناء عودة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة راجعا من تبوك نزلت عليه الآيات الآتية:
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللهَ
وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ - لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا
لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُّحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة: 107 - 108].
وسبب نزول هذه الآيات الكريمات: أنه كان بالمدينة -قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها- رجل من الخزرج يقال له أبو عامر الراهب، وكان قد تنصر في الجاهلية وقرأ علم أهل الكتاب، وكان فيه عبادة في الجاهلية، وله شرف في الخزرج كبير، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرًا إلى المدينة واجتمع المسلمون عليه, وصارت للإسلام كلمة عالية, وأظهرهم الله يوم بدر, شرق اللعين أبو عامر بريقه, وبارز بالعداوة وظاهر بها, وخرج فارًّا إلى كفار مكة من مشركي قريش يمالئهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فاجتمعوا بمن وافقهم في أحياء العرب فكان من أمر المسلمين ما كان, وامتحنهم الله عز وجل, وكانت العاقبة للمتقين, وكان هذا الفاسق قد حفر حفائر فيما بين الصفين فوقع في إحداهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصيب ذلك اليوم فجرح وكسرت رباعيته اليمنى والسفلى, وشج رأسه صلوات الله وسلامه عليه، وتقدم أبو عامر في أول المبارزة إلى قومه من الأنصار فخاطبهم، واستمالهم إلى نصره وموافقته، فلما عرفوا كلامه قالوا: لا أنعم الله بك عينا يا فاسق يا عدو الله، ونالوا منه وسبوه, فرجع وهو يقول: والله لقد أصاب قومي بعدي شر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعاه إلى الله قبل فراره وقرأ عليه القرآن، فأبى أن يسلم

[1] انظر: زاد المعاد (3/ 578).
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 833
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست