responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 835
قال ابن عاشور: وقوله سبحانه: (لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا) المراد بالقيام الصلاة؛ لأن أولها قيام, ووجه النهي عن الصلاة فيه أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فيه تكسبه يمنًا وبركة فلا يرى المسلمون لمسجد قباء مزية عليه؛ ولذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر، ومالك بن الدخشم مع بعض أصحابه وقال لهم: «انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وحرقوه» , ففعلوا [1] وقوله: (لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ) احتراس مما يستلزمه النهي عن الصلاة فيه من إضاعة عبادة في الوقت الذي رغبوه للصلاة فيه, فأمره الله بأن يصلي في ذلك الوقت الذي دعوه فيه للصلاة في مسجد الضرار أن يصلي في مسجده أو في مسجد قباء، لئلا يكون لامتناعه من الصلاة من حظوظ الشيطان أن يكون صرفه عن صلاة في وقت دعي للصلاة فيه، وهذا أدب نفساني عظيم [2].
وفيه أيضا دفع مكيدة المنافقين أن يطعنوا في الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه دعي إلى الصلاة في مسجدهم فامتنع فقوله: (أَحَقُّ) وإن كان اسم تفضيل فهو مسلوب المفاضلة؛ لأن النهي عن صلاته في مسجد الضرار أزال كونه حقيقًا بصلاته فيه أصلاً.
ولعل نكتة الإتيان باسم التفضيل أنه تهكم على المنافقين لمجازاتهم، ظاهرا في دعوتهم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه بأنه وإن كان حقيقًا بصلاته بمسجد أسس على التقوى أحق منه، فيعرف من وصفه بأنه (أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى) أن هذا أسس على ضدها [3].
وقد رأى ابن عاشور أن المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى أنه مسجد هذه
صفته لا مسجدا واحدا معينا، فيكون هذا الوصف كليا انحصر في فردين: المسجد النبوي, ومسجد قباء [4].
قوله تعالى: (فِيهِ رِجَالٌ يُّحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا) روى ابن ماجه أنه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الأنصار, إن الله قد أثنى عليكم في الطهور فما طهوركم؟» قالوا: نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء، قال: فهو ذاك فعليكموه [5]. وفي قصة مسجد الضرار دروس وعبر وفوائد منها:
1 - الكفر ملة واحدة:
وقد تبين هذا في موقف أبي عامر الراهب من الإسلام ومن المسلمين؛ إذ غضب غضبا شديدا، وتألم لهزيمة المشركين في بدر، فأعلن عداءه للرسول, وتوجه إلى عاصمة الشرك مكة يحث أهلها على قتال المسلمين, وخرج مقاتلا معهم في أحد، وحاول تفتيت الصف

[1] انظر: السيرة النبوية لابن هشام (4/ 184).
[2] انظر: حديث القرآن الكريم (2/ 661).
[3] انظر: التحرير والتنوير (11/ 31).
[4] المصدر نفسه (11/ 32).
[5] سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالماء (1/ 127).
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 835
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست