responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 839
تخلفت عنه في تلك الغزاة، والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان -قط- حتى جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد, واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا، وعدوًّا كثيرًا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجهه الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير، ولا يجمعهم كتاب حافظ، يريدون الديوان, قال كعب: فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفى له، ما لم ينزل فيه وحي الله.
وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حيث طابت الثمار والظلال, وتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم، فأرجع ولم أقضِ شيئًا، فأقول في نفسي: أنا قادر عليه، فلم يزل يتمادى بي حتى اشتد بالناس الجد، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئًا، فقلت: أتجهز بعده بيوم أو يومين، ثم ألحقهم، فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز، فرجعت ولم أقض شيئا، ثم غدوت، ثم رجعت ولم أقض شيئا، فلم يزل بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو [1] وهممت أن أرتحل فأدركهم, وليتني فعلت، فلم يقدر لي ذلك، فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلاً مغموصًا عليه النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالس في القوم بتبوك: «ما فعل كعب؟» فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه، ونظره في عطفيه [2] فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت, والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبينما هو على ذلك رأى رجلا مبيضا [3] يزول به السراب [4] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كن أبا خيثمة» فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه [5] المنافقون, قال كعب بن مالك: فلما بلغني أنه توجه قافلاً [6] حضرني همي، وطفقت أتذكر الكذب وأقول: بم أخرج من سخطه غدًا؟ واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل لي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادمًا [7] زاح [8] عني الباطل، حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدًا، فأجمعت صدقه (9)

[1] تفارط الغزو: تقدم الغزاة وسبقوا وفاتوا.
[2] والنظر في عطفيه: أي جانبيه, وهو إشارة إلى إعجابه بنفسه ولباسه.
[3] مبيضا: لابس البياض.
[4] يزول به السراب: يتحرك وينهض، والسراب ما يظهر للإنسان.
[5] لمزه المنافقون: عابوه واحتقروه.
[6] توجه قافلا: راجعًا.
[7] أظل قادمًا: أقبل ودنا قدومه كأنه أبقى على ظله ..
[8] زاح: أزال.
(9) أجمعت صدقه: عزمت على صدقه.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 839
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست