responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية نویسنده : الدبيسي، محمد بن مصطفى    جلد : 1  صفحه : 476
ترشدها طريقها وتجلى معالمه إلى يوم القيامة، ولتشعر بضخامتها، وتقدر دورها حق قدره، مع الكواشف المضيئة لكل ما حولها تصوراً واعتقاداً وقبائل وأشخاصاً.
وبعد هذا الإعداد الطويل للأمة المسلمة في هذا التوقيت الدقيق، جاءت الحكمة الإلهية.
لتبين أن تنقية الصف ليستطيع استكمال السير بأقصى قوة مستطاعة، يتحمل تبعاته، ويقدر مسؤلياته، هو الحكمة المنشودة من خطة التربية الربانية هذه، إن بقاء الصف بغير تمحيص وفرز لبقاء الأصلح الأقوى يجعل باطن الصف مصدعاً مهزوزاً سرعان ما ينهار، أو أجزاء كبيرة منه عند أول صدام، مع أن ظاهره يوحى بغير ذلك، وقد رأينا مصداق هؤلاء في غزوة أحد، ولقد عبرت الآية الكريمة عن هذه الحكمة بقولها: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: 143]. والله سبحانه يعلم كل ما يكون قبل أن يكون، ولكنه يريد أن يظهر المكنون من الناس حتى يحاسبهم عليه، ويأخذهم به، والانقلاب الرجوع إلى المكان الذى جاء منه، انقلب إلى الدار، وقوله: {عَلَى عَقِبَيْهِ}، زيادة تأكيد في الرجوع إلى ما كان وراءه؛ لأن العقبين هما خلف الساقين، أي انقلب على طريق عقبيه، وهو هنا استعارة تمثيلية للارتداد عن الإسلام رجوعاً إلى الكفر السابق. (1)
طالت هذه الفترة مع أنها متأخرة في الواقع عن الأمر النازل بتحقيق مطلوب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 150]، كل ذلك لما رأينا من عظات وأحكام وعبر، وتراتيب للانطلاقه الكبرى لأمة الإسلام، والتى اشترطت لها الآية المذكورة آنفاً اتباع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظاهراً وباطناً علماً وسلوكاً، عبادة وعقيدة مع

(1) انظر الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير (2/ 23 - 24)، سيد قطب، في ظلال القرآن (1/ 132)، الفخر الرازى، التفسير الكبير (2/ 478 - 481).
نام کتاب : السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية نویسنده : الدبيسي، محمد بن مصطفى    جلد : 1  صفحه : 476
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست